كل يوم

سمعة بلد وليست حرية شخصية..

سامي الريامي

عندما تحدثت عن سيارة الـ«رولز رايس» الواقفة أمام فندق شهير في مدينة «ميونيخ» الألمانية، وهي تحمل لوحة محلية «مميزة»، بالتأكيد لم أكن أقصد الإشارة إلى «شخص» صاحب السيارة، فأنا لا أعرفه ولا أحمل أي شعور بالحسد تجاه سيارته، كل ما في الأمر أني تحدثت عن الرسالة التي يمكن أن يفهمها الأجانب من خلال هذا المنظر، والصورة التي يمكن أن ترتسم في ذهنيتهم عنا كشعب ثري مترف، نستطيع شحن سيارات فارهة لسنا بحاجة فعلية إلى استخدامها هناك.

هناك من لم يتفق معي في المقال السابق، فهم يعتبرون ذلك التصرف حرية شخصية، و«مادام أن الله منعم على هذا الشخص وغيره، فما المانع من إظهار نعمة الله، فهم لم يضروا أحداً بتصرفهم؟».

هي وجهة نظر، لكن هل هذه هي الوسيلة المثلى لإظهار نعمة الله علينا أمام الناس، ألا يعتبر ذلك التصرف هو نوع من التعالي والغرور والتباهي غير المحمود، ومثل هذه التصرفات أليس لها تأثير في سمعة الدولة، وصورة مواطنيها؟

قرأنا وسمعنا عن الحادث الذي تسبب فيه شابان مواطنان في لندن، كان أحدهما يقود سيارة «لامبورغيني» بسرعة خيالية في منطقة مزدحمة، فاصطدم بأربع سيارات واقفة عند حافة الرصيف، بينها سيارة انقلبت رأساً على عقب من قوة الاصطدام، الغريب أن أحدهما قال للناس وهو ينزل من السيارة: «ليس هناك مشكلة، سندفع تكاليف الأضرار»!

مثل هذا التصرف لم تفوته الصحافة البريطانية، ولا أعتقد أنها هنا محط لوم، فالفعل يستحق رد الفعل، لكن هل تريدون معرفة الصورة التي ارتسمت في ذهنية الإنجليز، ولاشك أنها الصورة ذاتها التي ترتسم في ذهنية كل أجنبي يشاهد «المبالغة في إظهار نعم الله علينا» أمام العالم.

في لقاءات أجرتها صحيفة الـ«ديلي ميل»، قال أحدهم: «إنه لأمر يبعث على القرف، أن يأتي هؤلاء إلى هنا رافعين صوت الموسيقى إلى أقصى ما يمكن من الصخب ومثيرين درجة عالية من الضجيج في محركات سياراتهم»!

وقالت مواطنة إنجليزية: «إنهم جميعاً لا يراعون الآخرين إطلاقاً»، وبين أسطر الخبر تزين الصحيفة تقريرها بجملة: «يبلغ سعر سيارة اللامبورغيني 180000 جنيه إسترليني»، وجملة «يحمل الكثير من السيارات الفاخرة التي تصل إلى وسط لندن لوحات أرقام من الشرق الأوسط، يأتون بسياراتهم إلى العاصمة البريطانية خلال أشهر الصيف مسببين ضجيجاً للسكان».

المسألة ليست حرية شخصية، وليست كما قال البعض «فلوسهم وكيفهم»، المسألة مرتبطة بسمعة بلد وشعب، والإنسان مهما كان حجمه هو سفير لدولته في الخارج، سفير في تعامله مع الناس، سفير في شكله وفي ملابسه وهندامه، وفي سلوكه وتصرفاته، وفي كل خطوة صغيرة أم كبيرة يقوم بها.

المسألة هي بالضبط كما قال صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم: «على كل مواطن ومواطنة أن يحافظوا على السمعة الطيبة التي تحظى بها دولة الإمارات، هذه السمعة هي مبعث فخر واعتزاز لنا كقيادة، وكذلك بالنسبة لشعبنا»، وطالب سموه خلال لقائه، أول من أمس، سفراء وقناصل الدولة في الخارج بضرورة العمل على متابعة أوضاع المواطنين، خصوصاً شريحة الشباب، وتوفير النصح والإرشاد لهم، والتشديد على هذه المسألة. أليس من الأولى الآن أن نعمل على التفريق بين الحرية الشخصية والإساءة لسمعة بلدنا؟

reyami@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر