5 دقائق

ابتعدوا عن تراثنا

سالم حميد

جميلة جداً كانت الحملة الإعلامية الخاصة بمناسبة حلول ليلة النصف من شهر شعبان الهجري، هذا اليوم الذي يحتفل أهل الإمارات بمناسبة «حق الليلة» الشعبية، فهي فرحة للأطفال تسعدهم بالهدايا والحلويات التي يحصلون عليها من أصحاب البيوت، مبتهجين بهذه المناسبة التي توارثتها الأجيال، أما الأجمل فكانت الاحتفاليات التي أقيمت أخيراً في مناطق تراثية عدة ومؤسسات حكومية مختلفة، أحيت من جديد هذه العادة الشعبية التي كانت على وشك الاندثار. 20 عاماً مضت على حرب تحرير الكويت، شهدت بعدها المنطقة حالة تعبئة دينية قصوى، غسلت خلالها عقول الشباب والأطفال، حيث تمكن المتشددون من تجييش المشاعر الدينية عبر مختلف الوسائل الإعلامية، وإصدار المنشورات والتسجيلات الدينية بطريقة في غاية الذكاء والدهاء، ونجحوا وبفاعلية كبرى في التغلغل في نفوس وقلوب الأطفال والشباب والنساء، بعد تمكنهم من ترويج المفاهيم الخاطئة والمغالية عبر الخطب والنشرات الدينية المتشددة، والأشرطة الدينية السمعية والبصرية والمجلات والإذاعات، هذا بخلاف القنوات التلفزيونية المتشددة المشبوهة والمستمرة في النمو، في ظل الدعم السخي من المتشددين، ثم قام هذا التيار المتشدد باستحداث بدائل لأغلب احتياجات الناس، لدرجة أن أفراح الزفاف استحدثوا لها أناشيد خاصة تُعرف بأناشيد الأفراح! وبات الناس يراجعون الدين من الناحية الشرعية لمزاولة أبسط أمور حياتهم اليومية والمعيشية، مع ترويج الكره وعدم التسامح مع الديانات الأخرى، أو حتى المذاهب الدينية الإسلامية الأخرى، وتم تحريم أبسط الأمور الترفيهية، ولا داعيَ لذكر الفتاوى المضحكة التي يعرفها القراء جيداً في أتفه الأمور والأسباب!

غالباً ما يردد الأطفال في «حق الليلة»: «عطونا الله يعطيكم بيت مكة يوديكم»، كلمات جميلة وبريئة تخرج من أفواه الأبرياء، وتملأها بالإيمان وكبير العبر والعظات، وتحمل روح المودة والألفة بين الناس، وترسم في النفس الانطباع بحسن الجوار والكرم، وبالذات إدخال الفرح والسرور إلى قلوب الأطفال وإخبارهم، عبر تلك الليلة، أن رمضان قادم أيها الأحباب، وأن عليكم الصيام والتعبد والتهجد.

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .


 

تويتر