يا جماعة الخير

حقّق حلمك.. لو سمحت

مصطفى عبدالعال

سألت المخطوبة خاطبها: ماذا سنفعل في رمضان؟ أخشى أن تنشغل عني مع أصدقائك وسهراتك الرمضانية، قال: ألم نتفق على أن نكون معاً في صلاة التراويح والمحاضرات التي تستقطب لها إماراتنا الحبيبة أشهر دعاة العالم الإسلامي؟ قالت: بلى، ولكن أسألك عن علاقتنا ورسائلنا ومكالماتنا الغرامية، فعرسنا بعد العيد وقد تعودنا تبادل المشاعر، والحقيقة كم تهزني كلماتك وأحلم معها بسعادتنا الزوجية، ولكني أخشى على صومنا، فهل نحقق معاً حلم الحب الطاهر في رمضان؟ قال: يا لروعة صدقك، فرغم أننا على أبواب الزواج يعلم الله كلما أرسلت لك رسالة حب أو هاتفتك بكلمة غزل راجعني ضميري ليقيني أن هذا قبل العقد فيه تجاوز لن أنكره، وأعلم بأن الخاطب ليست له حقوق تميزه عن الغريب إلا التعارف عن قرب وفي النور وبعلم العائلتين، وكم حلمت بأن أكون مثالياً عفيفاً مع مخطوبتي، وأن ندخر ما أحله الله حتى ننعم به في وقته، وأرتعد حين أتخيل حرماني منك نتيجة تجاوزاتنا، فالمبدأ الشرعي «من تعجل شيئاً قبل أوانه عوقب بحرمانه»، وأنظر إلى كل الأصدقاء الذين فشل زواجهم أو لم يتم أصلاً، فأراهم ضحايا مخالفة تلك القاعدة، فكيف ورمضان له حرمته؟ وإذا كان الله يضاعف فيه الحسنات فلاشك أن انتهاك حرمته توجب السخط من الله ومضاعفة السيئات.

قالت: والله لكأنك تقرأ مخاوفي، فإني لا أحب أن أكون كضحايا إبليس اللعين اللائي أقنعهن بمبدأ آخر، هو «هذه نقرة وهذه نقرة»، فقال: صدقت، وأرى بعض زملائي نماذج كزميلاتك، منهم من يحافظ على المساجد ويحافظ على مخيمات الطرب الماجن، ويؤدي التراويح وبعدها الغزل في المراكز التجارية أو عبر «الشات» مع مخطوبات لهم أو غير مخطوبات، ويتكاسلون في دوامهم وربما توقفت مصالح الناس عندهم بدعوى تعب الصيام ومشكلات الصوم، والله إني لأعجب حين أرى البعض في رمضان منكبين على سهرات مخالفة لقيم رمضان، بل ولا تحدث في غير رمضان! فهل نطبق معاً حلم مفهوم الصيام بأهدافه وأحكامه؟ ونفهم كيف انتصر الصحابة في رمضان على أنفسهم وفي الحروب مع أعدائهم، وكان الصيام دافعاً لهم إلى الهمة لا إلى الغمة، قالت: نعم ولنبدأ أنا وأنت بتحقيق الحلم وتأكيد قدرات النفس في رمضان، ولن نفعل كمعظم المخطوبين «ولا أقول غير المخطوبين»،وسنتعاون على إمساك ما حرم الله علينا من شهوات، لتحقيق الغاية من الصوم {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصيَامُ... لَعَلكُمْ تَتقُون}، ولا علينا مما تعود عليه غيرنا من دون وقوف مع النفس بالإرادة، فإن الله شد أزرنا بقوله {عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لاَ يَضُركُم من ضَل إِذَا اهْتَدَيْتُمْ}، ولنتعبد معاً في كل فعاليات رمضان بلا خلوة ولا غزل لنحظى بنفحاته وتظل معنا بعد الزواج أنساً وبركة وسكينة. فقال: بارك الله فيك، وهي متعة ولذة روحية أسمى وأنقى وأبقى من لذات شهوانية، ولو حققنا الحلم ونجحنا مع أنفسنا نستطيع أن نبني معاً أسرة سعيدة مباركة، وعلى هذه الأخلاق نربي أولادنا، وليس صعباً أن نقترب من الله في مواسم الخير، ففي الأثر «إن لله في أيام دهركم لنفحات ألا فتعرضوا لها لعل أن تصيبكم منه نفحة فلا تشقون بعدها أبداً».

المستشار التربوي لبرنامج «وطني»

 mustafa@watani.ae

 لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر