الشيشة.. لو سمحت

مصطفى عبدالعال

ليس غريباً إن صادف ودخل رب البيت إلى غرفة الغسيل أو غرفة الخادمة، أن يرى الشيشة وملحقاتها تنعم بمخبأ آمن تحرسه الخادمة أمانة لبنات البيت المثقفات الموظفات الواعيات. ظاهرة غريبة تسللت بين شبابنا من الجنسين تدريجياً وعكسياً مع الحملات المحلية والعالمية التي تحذر من التدخين، على الرغم مما وصل اليه التحذير الشهير من أن التدخين مروراً بالسرطان وأمراض القلب سبب رئيس في الوفاة. ظاهرة ظلت تتزايد حتى تغلغلت بين صفوف علية المجتمع من شباب الجنسين من كل الجنسيات، والأمر اللافت للنظر أن تكون بين البنات عرفاً منمقاً وباباً لصداقات في زوايا مخملية يعرفها روادها في المراكز التجارية والمطاعم الكبرى والفنادق المتعددة الأغراض. أبداً ليست بينهن منحرفة أو سيئة خلق بل ولا تاركة صلاة، هو نوع من الشقاوة المستظرفة التي تجمع كثيراً من بنات العائلة بعيداً عن علم أو ظن رب العائلة، والوالدة الوقورة في معظم الحالات لا تدري، وقليلات هن الأمهات المتسترات أو المشاركات.

ليس غريباً أن يكون اتفاق غير مكتوب بين القريبات من عائلة واحدة، من أهم أسباب سفرهن المتكرر وارتيادهن كثيراً من المقاهي والمطاعم التي تربطهن بها مودة حميمة وذكريات أسرية في كثير من بلدان العالم.

كما قد تنعم وافدات على بلادنا باختلاس لقاءات تدخين في غربتها بعيداً عن دائرة المعارف والزميلات، فإن سألت إحداهن لماذا غرفة الخادمة أو غرفة الغسيل أو الزاوية المستكنة في فندق أو مركز تجاري، التي ربما تشبه وكر المخدرات؟ أتاك الجواب ببراءة تلقائية: احتراماً للوالد والشباب أو احتراماً للأسرة والخوف من العقاب!

أختي الحبيبة؛ أنفاسك وصدرك خُلقا وفقاً لأنوثتك وليسا ملكاً لك وحدك، فأثرهما السلبي سيؤذي المحيطين بك على المدى البعيد، ومنهم من أنت صادقة في حبهم. وما خلقتِ لضم مبسم يسحب عبر خرطوم يتلوى دخاناً يحدث «بقللة» ماء ارتبط صوته بجلسات الحشاشين، تلك الجلسات المفعمة بسُحب كثيفة تعبئ المكان ليجعل الحاضرين يعيشون فيلما كئيباً عنوانه: البؤساء.

أختي الحبيبة؛ ليس الخروج عن المألوف بهذه الصورة متفقاً مع فطرتك الرقيقة، ولو كنتِ أماً وحولك أطفالك الأطهار هل يسعدك أن يكون منظرك بينهم ـ كما صورته أفلامنا القديمة ـ المعلمة جنحة حرم المعلم حوكشة جنايات؟

أختي العزيزة؛ مهما كان من معالجات لما تسحبين من دخان شيشتك، ولو لم تظهر رائحته، فإن له بصماته على أنفاسك وصحتك، وتأثيره في نبرات صوتك، وسعالك المزعج المنتظر، إذا لم يكن ذلك قد بدا فعلاً، للمقربين منك.

هو بكل المعايير اختراق لعالم حواء الرومانسي الهادئ النظيف النقي الذي ينبغي أن يكون بعيداً عن عادم السيارات ومركبات أول وثاني أكسيد الكربون، والنيكوتين والعم قطران.

حبيبتي؛ إذا فعلتِ فلا تستحي، وإذا استحيتي فلا تفعلي، لكن لا تقتلي أنوثة خصك الله بها وميزك عن صنف الرجال الذين دفعوك إلى هذا التقليد غير المحسوبة عواقبه، وسلي نفسك بهدوء وإنصاف: أيروق لك منظرك لو أخذت لك صورة خلسة ونشرت على صفحة جريدة أو وضعت أمام والد أو زوج أو أخ أو ابن صغير؟

المستشار التربوي لبرنامج «وطني»

mustafa@watani.ae

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجي الضغط على إسمه

تويتر