يا جماعة الخير

لا تفسد حياتك الأخرى.. لو سمحت

مصطفى عبدالعال

«قال سيدنا يوسف لأبيه بعد طول فراق: كيف بكيت حتى ابيضت عيناك، وقد علمتني أن القيامة ستجمعنا؟ قال أنا ما خفت من موتك، فقد سألت ملك الموت وأخبرني أنك مازلت بيننا لم تقبض! فخفت أن يضيع دينك، فيحال يوم القيامة بيني وبينك! أي تُحرم من لذة العمل الصالح وأُنس الموت وما بعده».

لقاء الله هو لقاء الرحمن، إذا كنت لا تحن إليه أو تشعر بانقباض عند ذكره، فلأنك تعلم أن رصيدك عنده لا يؤهلك لبشاشة اللقاء، فهلا تأهلت؟ مجرد أن تحب الخير لكل من حولك، لجيرانك وزملائك، زوجتك، أولادك، بتفاعلك مع مجتمعك بنصيحة عمر بن الخطاب: «اعمل لدنياك كأنك تعيش أبداً واعمل لآخرتك كأنك تموت غداً»، وبقول الرسول صلى الله عليه وسلم محارباً البطالة والكسل والتواكل «إِنْ قَامَتِ الساعَةُ وَبِيَدِ أَحَدِكُمْ فَسِيلَةٌ، فَإِنِ اسْتَطَاعَ أَنْ لاَ يَقُومَ حَتى يَغْرِسَهَا فَلْيَفْعَلْ». تخيل لم يقل أتى الأجل لإنسان بل إذا قامت القيامة، وأحدنا يقول: سأعمل لمن وما المقابل؟ فيعيش أنانياً لا يعمل إلا لمصلحة تفنى مع أجله، بينما الحقيقة لو عمل الخير حباً في الخير، فإنه حين ينتقل إلى برزخه يسعد بما قدّم، والبرزخ هو الحياة بعد مفارقة الروح للبدن، وهي حياة لا قلق فيها ولا خوف ولا هم ولا حرص ولا غل ولا حقد، وليس إلا العيش في حدود ما قدمنا، على قدر رصيدنا من الإحسان أو التقصير، فهي إما روضة ببساتين وأنهار، وإما الأخرى نسأل الله أن يعافينا منها.

هل تؤمن أيها الحبيب بأن رجلاً يدخل الجنة في كلب سقاه، وامرأة تدخل النار في هرة «قطة» حبستها؟ مجرد إماطة الأذى عن الطريق صدقة، مجرد تبسمك في وجه أخيك صدقة، حبك للخير وكرهك للأذى يجعل الطمأنينة تسكن قلبك، والهدوء يخيم عليك فلا تخاف الموت، بل تشعر بالأنس به لأنه سينقلك إلى جو أهدى وأسكن من صخب حياتنا، حياة روحية لا منغصات فيها ولا فواتير ولا أقساط ولا طلبات ولا قلق على أهل ولا هم أولاد، أتدري لماذا؟ لأنك ترى حينذاك نهاية كل حي، ومستقر الأرواح، فعلام تقلق؟ واقرأ هذا التعليق على المقال السابق - بعد ضبط بعض كلماته -أ

«عمتي كانت طول عمرها تشتكي من عينيها والسكري والضغط، وبعد طول مرض أجرينا يوماً لها تحاليل، فاستغرب الكل لما جاءت إيجابية، وفجأة ذهبت كل الأمراض اللي كانت تعاني منها، ورأت الممرضات، بعدما كانت لا ترى، وابتسمت لهن وطلبت الاغتسال، فساعدنها وألبسنها ومشطن شعرها وارتحن بالسوالف معها، وصلّت ركعتين ووضعت رأسها على المخدة وأغمضت عينيها، فسلمت روحها لله، سبحان الله كانت لا تنقطع عن الصلاة وهي عجوز».

آآآه أين بلال عند سكراته يقول: غداً ألقى الأحبة محمداً وصحبه، وأين محب لربه قال: من ذا يبشرني بيوم لقائي؟ فهل تتأهل بحسن العشرة لحسن العشرةأ لو سمحت؟

mustafa@watani.ae

تويتر