5 دقائق

إنها إدارتي!

سالم حميد

لعل القراء يتذكرون المسلسل القطري الشهير في ثمانينات القرن الماضي «فايز التوش»؛ في إحدى حلقات المسلسل تتم ترقية الممثل غانم السليطي إلى مدير عام إحدى الدوائر الحكومية، فاعتقد أن الحكومة قامت بتمليكه تلك الدائرة وليس مجرد تعيينه مديراً عاماً لها! ثم تعامل بكل عنجهية مع الموظفين ومع المؤسسات الأخرى، على أساس أنه مالك الدائرة وكأنه ورثها عن أبيه، وكان دائماً يردد «إنها إدارتي»!

نشرت «الإمارات اليوم» خبراً الأسبوع الماضي عن معوقات نقل متاحف دبي والوحدات الأثرية والتراثية التابعة لبلدية دبي ودائرة السياحة بدبي إلى هيئة دبي للثقافة والفنون، والسجال الدائر حول هذا الإجراء والبطء في تنفيذ القانون رقم (6) لسنة ،2008 الصادر من صاحب السمو حاكم دبي، الذي ينص على نقل صلاحيات هذه المؤسسات إلى هيئة الثقافة. وتضمن الخبر تصريحات لمسؤولين من البلدية ودائرة السياحة اشتملت على حجج عن تأخير تنفيذ قرار حكومة دبي، على الرغم من مرور أكثر من عامين على صدور القرار.

الغريب أننا نتكلم عن نقل صلاحيات من إدارة إلى أخرى، وكل هذه الإدارات تعمل تحت سقف حكومة دبي، أي أن الجميع يخضع للقطاع العام، لذلك وجب أن تكون هناك سلاسة في التنفيذ وعدم تردد ومماطلة في العملية. وهنا أشرح قليلاً للقراء الذين لم يطلعوا على الموضوع، وهو أن هيئة دبي للثقافة والفنون ومنذ تأسيسها جهة ترعى الشؤون الثقافية في الإمارة، صدر قرار بنقل مسؤولية إدارة المتاحف والمناطق التراثية والأثرية، بصفتها جهات يشملها العمل الثقافي، إلى هيئة الثقافة، ونقل هذه الجهات يجب أن يتم مع جميع الكوادر والممتلكات، بهدف رعاية هذه الجهات من قبل مؤسسة حكومية تعنى بالعمل الثقافي - وهو أمر منطقي - وهذا الموضوع وجب تنفيذه منذ مارس ،2008 لكنه لم يتم حتى الساعة لأسباب غير واضحة، وقد قيل إجراءات لوجستية أو موضوعات مالية أو غيرها من الحجج غير الواضحة، التي تؤخر العمل بالإجراءات السابقة، والمفترض أن تتم العملية بسلاسة وسرعة من دون أي تأخير، لكي لا يتشتت العمل في هذه الجهات، خصوصاً بالنسبة للموظفين الذين أصيبوا بحالة من الضياع، لعدم معرفة ماذا يحدث حولهم من إجراءات تتعلق بمستقبلهم الوظيفي. وأظن أن جوهر القصة هو أن البعض بدأ ينظر إلى إدارته وكأنها ملكية خاصة، ويتصرف من منطق الملكية لتلك المؤسسة، سواء كان يدير قسماً صغيراً أو إدارة عليا! وهذا مستهجن، فحين يمتلك الموظف الحكومي سلطات من واقع مسؤوليته ويتعامل مع تلك السلطة كأنها باقية إلى الأبد، فإن نوعاً من التسلط والتملك يرافق ذلك الشعور، ما يؤثر في ماهية العمل ككل.

التفاني في العمل أمر جيد، لكن أن نتصور حين نحقق إنجازاً ما أنه إنجاز شخصي بحت، فهو موضوع نتوقف عنده، فنحن في النهاية نخدم القطاع العام، والإنجاز للجميع.

 

تويتر