5 دقائق

حتى لا تدخل صحافتنا في السكون

سالم حميد

شوط كبير قطعناه في الصحافة المكتوبة، منذ انطلاقة أولى الصحف العربية في الإمارات، حققنا خلالها نقلة نوعية في مستوى المخاطبة الإعلامية، وتأسيس مؤسسات إعلامية ذات مقاييس مهنية عالية، وما جريدة «البيان» التي تحتفل في هذه الأيام بـ30 عاما من انطلاقة صحيفة عريقة تحمل في طياتها ذاكرة الإمارات ويوميات مدنها إلا دليل واضح على التطور الكبير الذي شهدناه خلال الفترة الماضية، فجريدة بمستوى «البيان» ارتقت لتكون جريدة عربية بامتياز تحمل أخبار وهموم الوطن والمواطن الإماراتي، وتنقله إلى الرأي العام والمسؤولين، كما تُطلع أهل الإمارات والمقيمين فيها على كل جديد، وتحلل الوقائع وتضيء عليها، من خلال خبرات عملت في المجال الإعلامي والصحافي لسنوات طويلة، وتمتاز بقدرة على مخاطبة الرأي العام بموضوعية، كما أن «البيان» إستطاعت أن تغطي الأوضاع العربية المتأزمة في المنطقة والمحيط، لتكون كحال قرائها مهتمة بما يجري حولهم من تطورات أضاءت عليها بالتحليل الواضح، لتعكس رأي الإمارات في ما يجري في عالم متصارع متغير متحول لا يعرف الاستقرار، ولأن التطور لا يستمر إلا من خلال النقد البناء، ولأن التوقف وعدم الاستمرارية في التجدد هو تراجع إلى الوراء، فيجب عدم الاكتفاء ببعض المنجزات على صعيد الإعلام، خصوصا المكتوب منه، بل يجب أن نضع نصب أعيننا التقدم الكبير في وسائل الإعلام وطرق استحضارها الأحداث بسرعة ودقة وموضوعية، ثم التحليل النزيه الواضح الموضوعي مع التحلي بالحرية الصحافية التي هي أساس العمل الصحافي أينما كان، لذلك ومن خلال منابرنا الإعلامية يجب أن نؤكد حرية الصحافة التي وللأسف تشهد تراجعاً كبيراً حول العالم بسبب قمع حرية العمل الصحافي أو خطورته، وفي بعض الأحيان بسبب الرقابة المبالغ فيها، التي تشل الصحافة وتنهي دورها كسلطة رابعة تضبط وتراقب وتنقل للرأي العام وأولي المسؤولية أداء بقية السلطات، وتكشف الفساد ومواطن الإفساد، والغريب في الرقابة الذاتية أنها تفوقت على الرقابة الحكومية في مجال عمل الصحافة، فأصبحنا نشهد في بعض الأحيان صحافيين ومديري تحرير يمسكون بعصا الرقيب بطريقة أشد قسوة من الرقيب نفسه، فيمنعون ويقطعون ويشلون الآراء ويكسرون الأقلام، ما يؤدي إلى إيقاف نبض العمل الصحافي، الذي له الفضل في كثير من الأحيان في دفع عجلة التطور، من خلال معرفة مواطن الخطأ والحث على تصحيحها. يصادف في هذا اليوم منتدى الإعلام العربي الذي يحضره عدد كبير من الصحافيين والإعلاميين وأصحاب المؤسسات الإعلامية والمسؤولين، وهو فرصة ذهبية لاتخاذ قرارات مهمة على صعيد الإعلام والتأكيد على حريته المسؤولة ودفع العمل الصحافي نحو مستويات أعلى، وألا يكون مجرد تجمع للتعارف وتقديم المحاضرات الصحافية والجوائز ثم يفض من دون أي جديد، فلنستثمر هذا المنتدى لدفع صحافتنا المحلية والعربية لتواكب التغيرات المتجددة في الإعلام العالمي الذي لا يعرف السكون.

 

تويتر