‏‏

‏من المجالس‏

عادل محمد الراشد

‏تتأهب دول أوروبا لخوض معركة جماعية ضد النقاب الذي يرتديه بعض نسائها المسلمات، من مواطنات ومقيمات. ومعركة النقاب جزء من حرب أوسع على ما يسمّى بأسلحة المجتمعات الأوروبية، سبقتها معركة الحجاب في فرنسا، ومعركة استئصال المآذن في سويسرا، ومعارك الصيرفة الإسلامية، والقضاء الإسلامي، وغيرها من معارك متفرقة تجمعها قواسم التصدي لمظاهر «الأسلحة» التي أصبحت جزءاً من النسيجين الاجتماعي والثقافي في كل دول أوروبا تقريباً.

وبالمنطق السيادي للدول فإن للأوروبيين الحق في تفصيل تشريعاتهم وقوانينهم حسب إراداتهم. وبمنطق أنسنة القيم، وعولمة الحياة التي تدعو إليها أوروبا، وتسمح لنفسها بالتشريع لتجهيز الجيوش وغزو الدول الأخرى لحمايتها والذود عنها؛ فإن الدول الأوروبية مطالبة بالرد على تساؤلات تلك المرأة البلجيكية التي قررت التمسك بالنقاب تأكيداً على حريتها في اختيار الزي الذي تريد.

وبمنطق الخصوصية الثقافية والاجتماعية، والحرص على حماية نمط الحياة، هُرع بعض الكتاب العرب لتسويغ الحملة الأوروبية ضد مبدأ «الأسلمة» بكل تفاصيلها، واستنكروا على المنتقدين لهذه الإجراءات تجاسرهم على حق الأوروبيين في حماية علمانيتهم والدفاع عن نسقهم الثقافي والاجتماعي. ولكن هؤلاء لم يكملوا الجملة ليطالبوا بحماية مجتمعاتهم العربية والإسلامية من هجمات «الغربنة» التي تجتاحها بخطاب المنتصر تحت غطاء الحريات الشخصية واحترام ثقافة الآخر. فإذا كان النقاب في الثقافة الغربية سجناً لكرامة المرأة، فإن التعري وممارسة الرغبة البهيمية في الأماكن العامة هما قمة الانتهاك لإنسانية المرأة في الثقافة الإسلامية. ونشر الصخب، والتجاسر على العادات والتقاليد، والتطاول على القوانين في المجتمعات المسلمة، هي من أسلحة عملية «غربنة» هذه المجتمعات. وإذا كانت تلك «الفزعة» مبررة في أوروبا، فإن فزعة أخرى تصبح مشروعة ومبررة لحماية المجتمعات المسلمة من «الغربنة».‏

‏adel.m.alrashed@gmail.com

تويتر