‏أبواب‏

‏قمة الثقافة ‏

أحمد السلامي

‏‏لعل الحدث الموسمي الوحيد الذي يستبقه المتابعون بالقليل من التفاؤل، إن لم يكن بالتشاؤم، هو لقاء القمة العربية، والأرجح أن الأغلبية الصامتة لم تعد معنية باختبار مشاعرها تجاه المناسبة.

وقد لا يعرف المحلل السياسي المنهمك في مراجعة البيانات الختامية للقمم السابقة أن بعض البسطاء يختصرون مآخذهم على القمة في أنها تحتل حيزاً من زمن البث التلفزيوني وتعيق مشاهدتهم لمسلسل السهرة.

طبقاً لأنباء متواترة سيكون الاحتشاد المقبل تحت عنوان «القمة الثقافية»، إلا أن آخر ما يمكن أن يصدقه الأدباء والفنانون العرب هو أن تثقيف الدورة المقبلة للقمة كان قراراً استراتيجياً مدروساً ومبرمجاً بدقة متناهية.

كل ما في الأمر أن الالتفات للثقافة يمثل هذه المرة طوق نجاة من الغرق في قمة سياسية جديدة أقصى ما تتوصل إليه هو التهديد بسحب المبادرة العربية للسلام.

إذا ما صح أن القمة المزمع انعقادها أواخر هذا العام معنية فقط بقضية الملكية الفكرية، فإنها ستكون قمة إجرائية، تعالج مسألة قانونية لا أقل ولا أكثر.

ويبدو الإلحاح على مركزية موضوع الملكية الفكرية كأنه استجابة لضغوط منظمة التجارة العالمية، كما يبدو استعادة لبند «سقط سهواً» ولم يناقش في القمة الاقتصادية التي انعقدت في الكويت.

وتوحي مؤشرات التحضير للقمة المرتقبة أنها ستكون لحظة هرب مزدوجة من السياسة والثقافة معاً، إذ ألمح المعنيون بأمر التحضير إلى أن الوقت لن يتسع لمقاربة الواقع الثقافي العربي من زواياه كافة.

إلى جانب التسريبات الإعلامية التي أفصحت عن محورية موضوع الملكية الفكرية، هناك من يشير بعبارات مطاطية إلى ضرورة أن تناقش القمة مسألة الأمن الثقافي، والتهديدات التي تواجه اللغة العربية. وهذه من الجزئيات التي قد تغري بالإسهاب في الحديث، لكن الاكتفاء بمناقشتها بروح انفعالية لا يقدم ولا يؤخر.

قد تصدر عن القمة توصية تحث على «مضاعفة الاهتمام بتدريس لغة الضاد باعتبارها من أهم مقومات الوحدة الثقافية للأمة العربية». لكن السؤال الأهم هو كيف يمكن أن تستفيد اللغة العربية من التوصيات الإنشائية في مقابل تزايد أعداد مدارس تعليم اللغات الأجنبية؟

وعلى هامش التحضيرات للقمة ثمة من يتحدث عن أن «الثقافة تستطيع لعب دور أكبر من السياسة، وأنها قادرة على زيادة التقارب بين الشعوب العربية»، وهذا حديث إعلامي يذكرنا بعناوين الصحف الحريصة على توظيف العبارات الدبلوماسية، ثم إن حديثاً كهذا يقوم على افتراض مسبق مفاده أن الشعوب العربية تفتقد للتقارب، وهذا اسقاط سيّئ للخلافات بين الدول، أما الشعوب فإنها متقاربة سياسياً وثقافياً، ويقارب بينها كل يوم الشعور المشترك بالعجز عن مواجهة زحف المستوطنات اليهودية على الأراضي المحتلة، والتهديدات المستمرة التي يتعرض لها المسجد الأقصى، ابتداءً بالحفريات الأثرية المزعومة، وانتهاءً بتخطيط الصهاينة أخيراً لمشروع قطار الأنفاق.‏

slamy77@gmail.com

تويتر