‏5 دقائق‏

‏غالي «الصخام» يا إسماعيل

سالم حميد

‏استضافني الشتاء الماضي صديقي إسماعيل في منزله في أمستردام، وكان الطقس شديد البرودة، وأثناء جلوسنا معاً في صالة منزله البسيط لاحظت أنه وضع قطعاً قليلة من «الصخام» (الفحم) في مدفأة المنزل؛ استغربت بخل إسماعيل وقلت له «إسماعيل، الدنيا برد! حرام عليك، سيقتلني هذا الصقيع، أرجوك زد من قطع الصخام»، أجابني إسماعيل «حرام عليّ أنا! أرجوك وجّه تحريمك إلى السلطات الهولندية التي قررت في يناير الماضي تحويل وحدات قياس البيع المستخدمة في محال بيع الفحم من الكيلو إلى الغرام في حركة ذكية تهدف إلى رفع سعر الفحم بطريقة جنونية، حيث تقرر أخيراً في هولندا رفع سعر غرام الفحم إلى 15 سنتاً، بالإضافة إلى ضريبة أخرى ندفعها إلى السلطات لقاء استخدامنا عرباتنا الخاصة لنقل الفحم من المحل إلى المنزل تسمى «خالك»، نظراً لسواد لون الفحم!».

يضيف إسماعيل «في بلاد الغرب عموماً يتم تحصيل رسوم من السائقين نظير عبور مركباتهم الخاصة إلى مركز المدينة لنقل الفحم، لأن جميع وسائل النقل العامة متوافرة من حافلات أو مترو أنفاق أو ترام وغيرها، إذن في هذه الحالة يتوجب على سائق المركبة الخاصة دفع رسوم عبور».

في العاصمة الهولندية أمستردام لايزال مشروع مترو الأنفاق تحت الإنشاء، ولكن توجد بها وسائل نقل أخرى مثل الترام والحافلات المكتظة بالمهاجرين، بينما المدن الهولندية الأخرى، خصوصا الواقعة في الريف الهولندي تعاني قلة المواصلات العامة، الأمر الذي يدفع السكان إلى استخدام سياراتهم الخاصة لنقل الفحم، مع العلم بأن الهولنديين لا يشكلون سوى 10٪ من مجموع السكان، أما الأغلبية فهم في الأساس من الأجانب، ومع ذلك يتم فرض ضرائب باهظة على الجميع دون استثناء، حتى لو كان هذا المواطن الهولندي من فئة الفقراء!.. مسلسل الغلاء المعيشي أنهك الجميع، وبدلاً من تخفيف هذا الغلاء تم رفع سعر «الصخام» بسبب ادعاء محلي «أصخيوك» و«أصبخوا» الموزعين للفحم، أنهما يخسران بسبب ارتفاع سعر الفحم على المستوى الدولي، على الرغم من أن هولندا تعتبر من أكبر مصدري الفحم في العالم! والأكثر غرابة أن الموزع الوطني للفحم شركة «صخامات» تأسست في هولندا عام ،1981 بمرسوم ملكي كي تبيع الفحم بسعر خاص في السوق المحلية الهولندية لا يتأثر بالسوق العالمية، وها هي الآن شركة صخامات تخالف الأساس الذي من أجله تم إنشاؤها! وهذا ما يثير تساؤلي: لماذا على المواطن الهولندي دفع ثمن الاستهلاك الكبير للفحم في هولندا بسبب فتح البلاد أبوابها لهذا العدد اللا معقول من المهاجرين؟!.

ليس على حسابي.. ليس على حسابي!.

مهما تقل يا إسماعيل، فكلامك لن يؤخذ به، بل سيُقذف به في أقرب سلة للمهملات. إسماعيل: «لكن هذا لا يعني أن نسكت لأن الطمع ينقلب على من يستسلم له!»، أجبت «كان الله في عونك يا هولندي».‏

 

تويتر