‏أبواب‏

‏ترجمة عربي ـ عربي ‏

أحمد السلامي

‏كان الكاتب العراقي صموئيل شمعون جالساً على المنصة يتحدث في مؤتمر عن الترجمة، استضافته القاهرة الأسبوع الماضي، ونقل عنه قوله إن «الأدب اليمني ليس بحاجة إلى الترجمة الفرنسية والإنجليزية، بقدر ما هو بحاجة إلى الترجمة العربية»، موضحاً أن أعمال الكُتاب اليمنيين تكاد لا تخرج من صنعاء، متسائلاً «لماذا لا نساعد اليمنيين على انتشار إنتاجهم الأدبي في الوطن العربي؟».

وكان صاحب رواية «عراقي في باريس»، يقصد تنبيه الحاضرين إلى أن الحديث عن عوائق ترجمة الأدب العربي إلى اللغات الأخرى فيه قفز على واقع هذا الأدب في الجغرافيا العربية ذاتها، مستشهداً بالأدب اليمني الذي لايزال مجهولاً عند القراء العرب.

في المقابل، ليس الأدب في اليمن هو الوحيد الذي يعاني العزلة عن الساحة العربية، وليست إشكالية المركز والأطراف هي التي تتحكم في الحضور والغياب، بل إن الامر يتعلق بتأخر نشوء صناعة الكتاب وتسويقه على المستوى العربي.

إضافة إلى انسحاب القطرية السياسية على الشأن الثقافي، وما أحدثته القطرية مع مرور الوقت من قطيعة بين المشرق والمغرب العربيين أمر لا يمكن تجاهله.

بالعودة إلى مؤتمر الترجمة، دائما ما يقال ـ على سبيل جلد الذات ـ إن دولة مثل إسبانيا تترجم في العام الواحد أكثر من الأقطار العربية مجتمعة، وآخر من اضطر لاستحضار نموذج إسبانيا هو الدكتور جابر عصفور في الجلسة الافتتاحية لمؤتمر الترجمة. ومن خلال شعار المؤتمر «الترجمة وتحديات العصر» يبدو أن العرب اكتشفوا أخيرا قيمة هذا النوع من النشاط المعرفي! لا شك في أن لكل عصر تحدياته، ولكل أمة تحدياتها، ومشكلتنا نحن العرب أننا نتأخر كثيراً في تحديد الأولويات واكتشاف التحديات. وفي الوقت الذي يتحدث فيه الآخرون عن تحديات العولمة وثورة المعلومات والكتاب الالكتروني، نعود لاكتشاف تحديات عتيقة! لو أن مؤتمراً كهذا انعقد في باريس أو لندن لما اختار منظموه هذا الشعار الذي يصور أن من وضعه دخل في حالة غيبوبة منذ القرن الثامن عشر، ولم يستيقظ منها إلا الآن.

هناك حتى الآن ثلاثة مشروعات مؤسسية تشتغل على الترجمة في العالم العربي، أحدثها مشروع «ترجم» الذي تبنته مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم، وعلى الرغم من حداثة ولادة مشروع «ترجم»، إلا انه بدأ يحقق حضوراً لافتاً من خلال إصداراته المتنوعة، ومن إيجابياته أنه يقوم على آلية تشرك المترجمين ودور النشر العربية في الطباعة والتسويق، بما يضمن انتشار إصداراته في كل العواصم.

أما المشروع القومي للترجمة في مصر، فإن كتبه لا تغادر القاهرة، ولا تحضر إلا في بعض معارض الكتاب، وتأتي بعد ذلك إصدارات المنظمة العربية للترجمة الموجهة للمختصين، وتوحي أسعارها المرتفعة بأنها مشروع استثماري يعنى بالكسب أولاً.

وأخيراً.. إذا كان صموئيل شمعون على حق بشأن دعوته إلى الاهتمام بتسويق الكتاب العربي أولاً قبل الترجمة، فهل سنشهد ولادة مؤسسة عربية كبرى تهتم بهذا التحدي؟!‏

 

slamy77@gmail.com

تويتر