‏أبواب‏

‏القتلة‏

زياد العناني

‏قبل أن نتوقف كثيراً عند جريمة اغتيال المبحوح في دبي على يد عناصر «الموساد»، لا بد من التأكيد أولاً أن الجرائم الإسرائيلية كانت ولاتزال تحدث وستحدث دائماً مادام هناك دبلوماسية غربية تغطيها، وتترك كل مجالاتها الحيوية مفتوحة ومستباحة، ربما بالمجان وربما بتعاون سري يتيح لـ«الموساد» العبور والخروج من غير تدقيق في الوثائق الرسمية، أو احترام لقيمتها الحضارية. دول عريقة طالما تفاخرت بصرامتها الأمنيةأ تهشمت سمعتها أخيراً أمام شرطة دبي، وتقنياتها المتقدمة في المطارات والفنادق،أ من غير أن تعرف هذه الدول أن إسرائيل المدللة لا تمتلك عقلية الدولة، وأنها ليست دولة مستقلة، بدليل أنها لا تحترم استقلال الدول، وأنها مجرد كيان يائس يعيش تحت مظلة الخوف المرضي من الاضطهاد الآني أو المحتمل.

أدول عريقة لا حول لهاأ اخترقت، أو مهدت دخول نحو 27أ قاتلاًأ إلى دبي، ثم لجأت مضطرة إلى بدعةأ استدعاء السفراءأ ضمن البروتوكولات المعروفة، متناسية أن إسرائيل بلا وجه أخلاقي، وأنها عصابةأ تمسرح الاجرام، منذ أن ترك العالم كل بواباته مفتوحةأ لهاأ لكي تقوم بتصفية القيادات النازية، من دون محاكمة في القرن الماضي.أ أ

ولئلا نفرحأ ببدعة استدعاء السفراء، لا بد من القول إن الأمر لم يتجاوز طقس شاي على الطريقة الإنجليزية، لم نسمع بعدهأ إدانة رسمية، أو طرد موظف ثالث في السفارة الإسرائيلية،أ وكأن الاعتداء على سيادة دولة عربية والعبث بأمنهاأ ليس مهماً، ولا يحتاج إلى غسل صورة، وعلم، وجواز سفر ملوث لم يحترم. بماذا يُفسر صمت المجتمع الدولي على القتلة؟ ولماذا تصمت الدول العربية تحديداً؟ وأين هي من نظرية الأمن العربي المشترك التي صيغت باقتدار واهتمامأ في مؤتمرات وزراء الداخلية العرب؟ ولماذا لم يتم التعميم على القتلة في الدول العربية كافة والعمل على مطاردتهم في كل مكان، خصوصاً أننا أمام دولة من مزدوجي الجنسية، ليس منذ جريمةأ دبي، وإنما منذ قيامهاأ وهي تجند «الموساد» للقتل،أ وتستعمل الجوازات الأميركية والبريطانية والكندية والإيرانية والعربية؟

حين يسافر الموطن العربي إلى هذه الدول، يجد قاعدة بيانات كاملة تخصه، فيستغرب من قوة هذا التنسيق الأمني العالمي، ويحس أنه مراقب من كل الجهات، حتى وإن «قل عقله» وقذف بمنديل ورقي في الشارع، سيجد أن منديلهأ في حرز أمني يدينه ويغرمه، وان العين الزجاجية وقفت له بالمرصاد، ولم تخف خافية،أ في حين أن هذه العين الساهرةأ لم تسجل حركة تناقل الجوازات من شخصية إلى أخرى، ومن صورة إلى صورة،أ لأن «بقر الدير في زرع الدير»، فلا عجب أن يترك البقر بحاله ويدعم بالتعبئة العاطفية إلى الأبدأ. وأخيراً اغتيالات الموساد ليست «زعرنة»، وإنما هي عمليات منظمة تضرب مناطق تقع ضمن دائرة متفق عليها، مثل تصفية علماء الذرة العرب، أو ضمن مسايرة وجوب التفوق العسكري على الدول العربية، أو ضمن ضرب القيادات المؤثرة، بغض النظر عن تأزم العلاقات مع الدول التي يتمأ الحدث فوق ترابها، وبناء عليه؛أ لابد للدول العربية من محاكمة رئيس الوزراء الإسرائيلي، ورئيس «الموساد»، وكل من اشترك عن بُعد وعن قرب في هذه الجريمة القذرة. ‏

zeyad_alanani@yahoo.com

تويتر