‏‏

‏5 دقائق‏

سالم حميد

‏قبل سنوات كنتُ بصحبة صديق إلى الولايات المتحدة، وكنتُ في الغالب من يدفع فواتير المطاعم، وفي أحد الأيام أصرّ صديقي على دفع الحساب للمرة الأولى في مطعم بدالاس، وعندما أتت النادلة لتتسلم ما تبقى من بقشيش في مطوية النقود نظرت إلى صديقي باستغراب وقالت «سيدي، ما تبقى في المطوية فقط ستة دولارات!»، أجاب صديقي «وماذا في ذلك؟ لقد أعطيتك أكثر مما تستحقين!»، فردّت عليه بغضب «بإمكانك الاحتفاظ بهذه الدولارات الستة لأنه يبدو لي أنك في حاجة أكثر إليها مني، لأنك إذا أمعنت النظر في مبلغ الفاتورة لأدركت أن البقشيش الذي يتعين عليك دفعه يجب ألا يقل عن 15 دولاراً!». حينها تدخلت لأصحح سوء الفهم الذي لم يكن يعرفه صديقي، أن البقشيش في المطاعم والحانات في الولايات المتحدة يجب ألا يقل عن 15 إلى 20٪ من المبلغ الإجمالي للفاتورة، لو كان صديقي على علم بتلك العادة علينا في الإمارات لما وقع في الحرج، ولما وقع فيه طلبتنا الذين يتم إرسالهم للدراسة في الجامعات الأميركية من دون تعريفهم بالعادات الأميركية! فكيف لصبيان وصبايا أنهوا الثانوية العامة وهم في عمر الـ17 أو الـ18 عاماً، أن يتحاشوا هكذا موقف.

في سبتمبر الماضي رافقت أخي الصغير ذا الـ17 ربيعاً إلى لوس أنجلوس، حيث يدرس في جامعة بكاليفورنيا، وقمتُ شخصياً باستكمال تسجيله في الجامعة وبعض الأمور الخاصة بالسفارة الإماراتية وترتيبات السكن، وأعلّم شقيقي كيف يتعامل مع المحال والعموم من مختلف الجنسيات في لوس أنجلوس، وكنت أمسك بيده لأعرّفه بالطرقات واستخدام المواصلات العامة من السكن إلى الجامعة، بينما هو لايزال ممسكاً بلعبة «البلاي ستيشن» ولا يعيرني أي اهتمام! قد يكون شقيقي محظوظاً لوجود أحد أفراد أسرته يعلمه كل شيء في مجتمع جديد وغريب عليه ويعده نفسياً للتأقلم معه، ولكن يا ترى كم طالباً من ذوي الـ17 أو الـ18 ربيعاً محظوظاً أيضاً بمن يرافقهم ليعينهم على التعرف إلى ثقافة مختلفة تماماً عن ثقافتهم كي لا يصابوا بمرض «الحنين إلى الوطن»؟! أعتقد أن العدد قليل، ولا أخفي على القراء القلق الذي أصابني على الطالب الإماراتي «ماجد» الذي درس في جامعة أخي نفسها، ثم اختفى فجأة في لوس أنجلوس، ولكم أن تتخيلوا حجم الصدمة النفسية لهذا الفتى المسكين. رسالة إلى وزارة التعليم العالي، أبناؤنا المبتعثون إلى الخارج في حاجة إلى دورة شاملة في ثقافة البلد المبتعثين إليه، وليس مجرد يوم تعريفي!‏‏

تويتر