لا تحتفل بالمولد لكن تحفّظ.. لو سمحت

مصطفى عبدالعال

لا ينكر عاقل أن احتفالاتنا بعيد الجلوس وأعياد الاتحاد دعم لهويتنا وإبراز لمآثر حكام أحسنوا إلى شعوبهم وبلادهم إحساناً لا ينكره إلا حاقد حاسد منكر للجميل، وفي الاحتفال بالذكرى تثبيت لموروثاتنا في الأجيال، جيلاً بعد جيل، تلكم حقيقة لو اتهم فيها الكتاب بالتملق والنفاق فلننح الكتاب جانباً ولننظر إليها مجردة، أهي الحقيقة أم نتمنى أن نكون على غير الحال؟ تحيي الأمم همم أفرادها بهذه الذكريات، وتسميها أعياداً بالمعنى اللغوي لا المصطلح التعبدي، فالعيد عود واعتياد في كل عام.فإن كانت هذه طبيعة الناس، على اختلاف أجناسهم وثقافاتهم في إحياء ذكرى العظماء والزعماء، فلماذا نبخل بها على ذكرى سيد الأنبياء؟ ويكرر بعضنا كلاماً دون وعي يطعن به في عقيدة من احتفل بذكرى مولده صلى الله عليه وسلم، دون تفرقة بين احتفال مشروع بذكر مولده ومعجزاته ومدارسة سيرته والتأسي به، كما تقوم بذلك المؤسسات الإسلامية بالدولة، واحتفال آخر ما أنزل الله به من سلطان برقص وطبل وغفلة وجهل، والحمد لله الذي صان إماراتنا الحبيبة عن الثانية، فلا مجال لادعاء محاربتها. نعم من حقه علينا أن نحيا بذكراه لا نحيي ذكراه، فقد أحياها الله في قلوب وصدور المؤمنين، وعليهم الجهر بها لتعليم الأجيال من هو صاحب الذكرى، وما معجزاته وما أخلاقه وما أثره في الدنيا كلها، فهو المختار من ربه والممدوح منه بقوله: {وإنك لعلى خلق عظيم}، والموعود بالرضا في قوله: {ولسوف يعطيك ربك فترضى}، والمختار لنا قدوة في قوله: {لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة}. لنعلم أولادنا أن أعرابياً صاد ضباً ووضعه في كمه ودخل المسجد على رسول الله صلى الله عليه وسلم ليسخر منه، وقال: «يا محمد تزعم أنك رسول، وأنا لست مؤمناً بذلك حتى يشهد لك هذا، وأخرج الضب من كمه، فتبسم صلى الله عليه وسلم وخاطب الضب أمام الجماهير الغفيرة قائلاً: من ربك أيها الضب؟ فإذا به ينطق بقدرة الحق بلغة الخلق قائلاً: الله الذي في السماء عرشه وفي الأرض بيته وفي البحار عظمته وفي الجبال قوته وفي الجنة نعيمه وفي النار عذابه. فقال له: ومن أنا يا ضب؟ قال: رسوله ورحمته بخلقه! فما كابر الأعرابي، بل سلّم، ورفع صوته بالشهادتين والإسلام باكياً تائباً، فأكرمه النبي صلى الله عليه وسلم وأحسن له العطاء، وتبعه كبار الصحابة فرحين بإسلامه متفاعلين مع معجزة السماء، فجمع الرجل العطايا ورجع إلى قومه فحدثهم عن الضب وعن أخلاق من شهد له الضب وعن صحابة من أنطق الله له الضب، فانقلبت القبيلة بأسرها إلى النبي مسلمين موحدين، فصدق من قال له: {وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين}.

يا مصطفى ولأنت ساكن مهجتي روحي فداك وكل ما ملكت يدي

إني وقفت لحب دينك مهجتـــي ووسيلتي ألا بغيرك أهــــتدي

يارب صل على النبي محمـــــد

واجعله شافعنا بفضلك في غدي

لا تحتفل أنت إن شئت بذكراه،

لكن لا تطعن في عقيدة التابعين.. لو سمحت.

المستشار التربوي لبرنامج "وطني"
mustafa@watani.ae

تويتر