قاعدة الموساد!

ميره القاسم

تهتم إسرائيل بقضية الساميّة وتعقد من أجلها المؤتمرات، لدرجة أن موقع وزارة خارجيتها يصف «الـلا سامي» هو كل من يعبّر عن كراهية اليهود أو الحقد عليهم، أو ممارسة التمييز (الاجتماعي والاقتصادي والسياسي) ضد اليهود ومؤسساتهم المجتمعية والدينية، وأن «اللا سامية» قد تأخذ أشكالاً مختلفة، منها العلنية أو أعمال عنف، ومنها مظاهر تنعكس في إبداء مواقف متحيّزة تقول إنّأ لليهود عامّة بعض الصفات غير المرغوبة والمزعجة، وعلى وجه الخصوص أنهم طمّاعون وخداعون ومتآمرون ومتعصّبون ويسعون إلى السيطرة. وتشيع إسرائيل أنها بلد الديمقراطية في الشرق الأوسط، وأنها واحة للحرية في محيط من الاستبداد، كما يقول ساستها باستمرار في كتبهم ومذكراتهم، وما كتاب (نتن ياهو) «مكان تحت الشمس» سوى واحد من الكتب التي تمتلئ باحتقار العرب والنظر إليهم بدونية.

الآن وبعد قضية مقتل المبحوح كيف نفهم مثل هذه الادعاءات؟ وبأي وجه ننظر إلى التحضر الإسرائيلي المزعوم؟ وماذا يتوقع الإسرائيليون أن يوصفوا من قبل مواطني الإمارات العربية التي اتخذ ساستهم أرضها مكاناً لتصفية حساباتها مع الفلسطينيين؟ وماذا يتوقع المواطن الإماراتي من الدول الكبيرة التي شوهت إسرائيل أنظمتها وكشفت ضعفها من خلال تزوير جوازات سفرها الرسمية؟! أليس ما فعلته إسرائيل إرهاباً؟ ألم تضرب عرض الحائط بالقيم الدبلوماسية التي تحترمها الدول؟ هل هناك فرق بين إرهاب وإرهاب؟ هل إرهاب «القاعدة» مدان وإرهاب إسرائيل مقبول ومبرّر؟ هل يتم الكيل بمكيالين في هذه القضية؟ أعجبني تعليق أحد الساسة عندما اختصر الوضع وقال «إسرائيل ضُبطت متلبسة من قبل شرطة دبي» وأرى أن من أهم أسباب ضبطها كونها لم تأخذ العبرة من غيرها ولم تصدق حتى جربت قوة أجهزة الأمن الإماراتي، التي كانت لها تجربة واضحة للعيان قبل قضية المبحوح في المرات السابقة التي رفضت خلالها أن تصبح أرضها ساحة للتصفية على مستوى الأفراد. ويبدو أن الموساد الإسرائيلي كعادته في عدم إقامة وزن للدول العربية وأجهزتها الأمنية، ظن أن الأمر سينجح ولن ينكشف، لكن شرطة دبي خيّبت آماله وها هي تكشف أن الموساد وكفاءته ليس سوى أسطورة وأمكن كشف عمليته، وهذا يعد إنجازاً في حد ذاته، ومقدرتنا على وضع صور الـ11 متهماً بعد أيام قليلة من الجريمة على لائحة المطلوبين، تجعل الكبير قبل الصغير يفكر مليون مرة بأن الإمارات لا تساوم على قضاياها ولا تقبل الضغط عليها تحت دعاوى المصالح السياسية، ولا تقبل بالمقايضة للحصول على منفعة دولية مقابل السكوت عن الإجرام والإرهاب الدولي الذي أصبح منهج اليهود على مستوى العالم لتتقاسمه بالمناصفة مع تنظيم «القاعدة». أصبحنا الآن أكثر وعياً كمجتمعات عربية ونلاحظ كأفراد دون تحليل سياسي عميق أن منهج اليهود الإرهابي وفكرة «القاعدة» متشابهان لأبعد درجة ممكنة، فطرق التصفية واللجوء إلى السلاح وتصدير ورعاية الإرهاب الدولي أصبحت سمة للاثنين، يتفنن كل واحد منهما في إبراز قدراته لهدم الشرق الأوسط والاقتصاد العالمي للحصول على منفعة لا تكاد تذكر بالنسبة للاعبي السياسة المحترفين الذين يعلمون أن الكلمة أقوى بكثير من لغة القتل.

تويتر