حان وقت المعاملة بالمثل

سالم حميد

في صيف العام الماضي، سافرت إلى جزيرة غرينلاند، وكمواطن إماراتي كان يتعين عليّ استخراج تأشيرة دخول إلى تلك الجزيرة الواقعة في القطب الشمالي، التي دخلت في الحماية الدنماركية منذ القرن الثامن عشر، ولم تستقل رسمياً إلا في 21 يونيو ،2009 وقد استغرقت عملية استخراج التأشيرة لي من القنصلية الدنماركية في دبي نحو ستة أشهر! وعلى الرغم من أنها جزيرة نائية، ويعاني سكانها الأصليون الفقر والتخلف، إلا أن السلطة الدنماركية سألتني أنا المواطن الإماراتي، الذي يعتبر دخلي الفردي الأعلى على مستوى العالم، واطلب تأشيرة زيارة إلى إحدى أفقر بقاع الأرض! ما سبب زيارتك؟ ولماذا تريد أن تذهب إلى هناك؟! حتى وإن كانت لديك الفيزا الأوروبية «الشنغن»، يتوجب عليك الحصول على فيزا خاصة لدخول غرينلاند، مستقلة عن الفيزا الأوروبية، على الرغم من أنها صادرة من الدنمارك! ولم أحظ بشرف الحصول على فيزا لدخول غرينلاند إلا بعد تعبئة طلبات عدة وتقديم الأوراق والإثباتات من جهة العمل وحسابي البنكي، وتعهد خطي بأنني ذاهب لغرض السياحة وليس البحث عن عمل في غرينلاند! مواطن إماراتي يعمل في غرينلاند (هذه حلوة)! ولم أحصل على الفيزا إلا بعد شهور من المذلة!

في إحدى زياراتي المتعددة إلى العاصمة البريطانية لندن، وقعت على ضابط جوازات لئيم، أكثر من الأسئلة الغريبة والمستفزة تجاهي على الرغم من أن التأشيرة التي كنت أحملها «تأشيرة طالب»، يعني أقيم هناك، وعندما تمادى في طرح أسئلته المستفزة قلت له «اعلم يا سيدي أنني قادم من دولة الإمارات العربية المتحدة، وليس من جمهورية بنغلاديش»، فرمقني بنظرة فيها الكثير من الحقد وقال لي «وبما أنك أنت يا سيدي من دولة الإمارات ورفيع المستوى، فإنني سأحيل سعادتك إلى من هو أعلى مني رتبة لأنني لست في مستواك»، وبالفعل، دخلت في سين وجيم مطول مع المسؤول المباشر لذلك الضابط، مع المزيد من المذلة، على الرغم من أنني لا أسعى في زيارتي تلك إلى بريطانيا سوى إلى البحث عن العلم لا العمل أو الهجرة، والحال ينطبق على جميع المواطنين الإماراتيين الذين لا يسافرون إلى الخارج إلا لأربعة أغراض، هي السياحة أو الدراسة أو العلاج أو لأداء مهمة رسمية.

إن الميزة التي تمنحها دولة الإمارات لمواطني الدول الغربية وبعض دول الشرق الأقصى بحسن نية، قد أسيء استخدامها من قبل بعض المجرمين الذين يدخلون مجاناً وبكل ارتياح، بينما يتعرض الزائر من عموم البلدان العربية، بغض النظر عن الجنسية، لشتى أنواع الاستفهامات عن زيارته، ولا يحصل على التأشيرة إلا بعد أخذ بصمات يديه. وعلى العموم، الامتيازات التي تمنحها مختلف دول العالم لمواطني دول معينة لدخول بلدانها إنما هي حق سيادي، فبعض الدول تسمح لمواطني دول معينة بدخول أراضيها من دون معاملة بالمثل، ولكن عندما يقابل الطرف الآخر تلك الميزة بإساءة، فأعتقد أنه قد آن الأوان لنعاملهم بالمثل.

تويتر