«حالهم حال غيرهم»!!

سامي الريامي

بالتأكيد ليس جميع الأوروبيين سيئين، وليس جميعهم مجرمين، ومن الظلم أن نعمّم الأحكام السيئة عليهم، ونهاجمهم وننتقدهم بعد كشف تفاصيل جريمة «الموساد» الإسرائيلي في دبي.

لا أدافع هنا عن الأوروبيين بالتأكيد، لكنها مقدمة «حيادية»، لها جزء آخر من الحقيقة، ففي مقابل ذلك، ليس جميعهم سيّاحاً، ورجال أعمال، وأصحاب شركات، وخبراء، وراقِيْن، وأصحاب مبادئ وأخلاق.

وبما أن أصحاب العيون الزرق هم فئة من البشر، ينطبق عليهم ما ينطبق على جميع الجنسيات الأخرى في العالم، فمنهم المفيد ومنهم الضار، ومنهم سياح ورجال أعمال، ومنهم كذلك مجرمون، ورجال عصابات، وأعضاء في منظمات مشبوهة، فإن المنطق الآن يحتم علينا أن نتعامل مع جميع حاملي الجنسيات الأوروبية، بالطريقة نفسها التي نتعامل بها مع البقية، بمعنى أوضح لا داعي أبداً لمراعاة خاصة، ولا لمحاباة، ولا مبرر أبداً لمزايا خاصة، ولا تسهيلات في دخول البلاد والإقامة فيها، دخولهم وخروجهم يجب أن يكون وفق القوانين التي تنطبق على غيرهم، ووفق المعاملة بالمثل، بل يجب أن يحصلوا على تأشيرات لدخول البلاد، ويخضعوا للرقابة والتدقيق، ولا أعتقد أن في ذلك إساءة لأحد، ولا عنصرية ضد أحد، ولكن أمن البلاد يجب أن يطغى على كل اعتبار.

لقد غيّرت أميركا والدول الأوروبية معاملتها مع العرب، والمسلمين عموماً، عقب أحداث الحادي عشر من سبتمبر، مع أن العرب ليسوا جميعاً إرهابيين، ومعظمهم لا يؤمنون بأفكار تلك الفئة القليلة التي نفّذت التفجيرات اللاإنسانية، ومع ذلك لا يخفى على أحد التشدد الواضح في منح تأشيرات الدخول لجميع العرب إلى أوروبا، ورفضها في كثير من الأحيان لأبسط الأسباب، والتعذر دائماً بالأمور الأمنية لمنع دخول أي شخص، مهما كان، والتضييق قدر الإمكان على العائلات، ومطالبتها بالحضور الشخصي، وأخذ بصمات الأصابع العشر حتى للأطفال، ومع ذلك لم يعترض أحد لأن ذلك شأن داخلي في اتخاذ الإجراءات التي تراها الدول مناسبة لحفظ أمنها.

ونحن أيضاً كذلك، تعرّضنا لعمل إرهابي لا إنساني، من فئة مجرمة، لم تحترم أرضنا وأمننا، واستهترت بإجراءاتنا، وانفتاحنا على العالم، صحيح هي قلة قليلة، لكنها استخدمت جوازات سفر دول كنا نعاملها معاملة خاصة، من دون أن نحظى منها بمعاملة مماثلة، ومادامت تلك الدول غير قادرة على الحفاظ على هيبتها أمام عصابات «الموساد» الإسرائيلي، فعليها اليوم أن تتحمل نتيجة ذلك، وعلينا نحن أن نتخذ ما نراه مناسباً من إجراءات لحماية أمننا، وحماية الأفراد المقيمين والزائرين للبلاد، ولا أعتقد أبداً أن اختيار «الموساد» لتلك الدول وحمل جوازاتها الرسمية لتنفيذ العملية، كان من باب المصادفة!

وبصراحة شديدة، فإن جريمة اغتيال المبحوح، تدعونا إلى الكف عن معاملة أصحاب العيون الزرق، والشعر الأشقر، على اعتبار أنهم درجة أولى وغيرهم من البشر درجة ثانية، وتدعونا إلى تطبيق مبدأ «حالهم حال غيرهم» في كل شيء، لا ندعو أبداً إلى أي ممارسات سلبية أو عنصرية، لكن إلى تطبيق القوانين، من دون أية استثناءات أو تسهيلات، ويكفيهم تميزاً طوال السنوات الماضية، للدرجة التي جعلتهم يعتقدون أنهم فوق كل قانون، لا يكترثون بنا، ولا بإجراءاتنا، ولا قوانيننا، ولا يراعون خصوصياتنا أو عاداتنا أبداً، وأعتقد أن الوقت حان لتغيير هذا النمط الفكري السائد في رؤوسهم ورؤوسنا معهم!

 

reyami@emaratalyoum.com

تويتر