التغييرات.. «لا تقربوا الصلاة»!

سامي الريامي

التغييرات أو التعديلات الوزارية ليست مناسبة سنوية واجبة الحدوث في شهر معين، وهذا بالضبط ما اعتقده الكثيرون، وهو بالتحديد ما أثار أنباء وتكهنات التغيير الوزاري المحتمل بين الأوساط المجتمعية في الدولة خلال شهر فبراير الجاري، أسوة بالتعديلات السابقة التي صادفت الشهر ذاته العام الماضي، إلى أن تم الإعلان عن عدم وجود تغييرات في «الوقت الراهن»، وهذا مؤشر واضح إلى أن التغيير ليس هدفاً في حد ذاته، واجب الحصول في شهر معين، أو وقت معين، بل هو أمر مفتوح قابل للحصول في أي وقت وفق المستجدات والمتغيرات، ووفق أداء وكفاءة كل وزير.

ولا أعتقد أن جملة «لا تغيرات في الوقت الراهن»، هي تأكيد على عدم وجود تغييرات وزارية بالمرة، بقدر ما هي أشبه بـ«لا تقربوا الصلاة»، لأنها مشروطة ومربوطة بما يأتي بعدها، فلا تغييرات حالياً، ولكنْ هناك تقييم، والمقصر يطاله التغيير.

ولا أدري ما الذي جعل البعض يغضب بشدة من مقال أمس، الذي صنفت فيه الوزراء إلى ثلاث فئات، فئة مبدعة وبصمات التطوير في عملها واضحة، وفئة غير مقنعة الأداء، والثالثة عادية المستوى، لجأت إلى تسيير الأمور في الوزارة كما هي من دون مبادرات، ما جعل البعض يتهمني بـ«التطاول» على الوزراء!

الأمور ليست شخصية، وأنا لم أتحدث عن أسماء بقدر ما تحدثت عن مناصب، والوزير شخصية عامة، وهو في نهاية الأمر موظف حكومي، يؤدي خدمة عامة لجميع أفراد المجتمع، وعمله، وليس «هو»، قابل للتقييم، وقابل للحكم عليه بالنجاح أو الفشل، وأداؤه يمكن قياسه، وبناء على كفاءته ومهارته وفكره الإبداعي، يبقى محتفظاً بمنصبه أو يتركه لغيره.

وأهمية المرحلة المقبلة لا تخفى على أحد، فهي مملوءة ومزدحمة بالبرامج التطويرية للنهوض والنمو والوصول إلى مستوى أفضل دول العالم، وهذا بالتأكيد ليس عملاً سهلاً، وعندما نعلن أننا نريد أن نطوّر قطاع التعليم، بحيث يوسع مدارك الطلاب ويصقل شخصيتهم، فإن ذلك يعني أن التعليم الحالي يفتقر إلى هذه الأمور المهمة، وكذلك الإعلان عن سعي الدولة إلى توفير أرقى وأفضل المستويات الصحية والعلاجية، فهذا يعني أننا لا نوفر خدمات مَرْضياً عنها حالياً، والإعلان عن عزمنا إنشاء نظام قضائي فعال وقوي، يعني بالضرورة وجود بعض النواقص في النظام الحالي.

الطموح الذي وضعته وثيقة الإمارات الوطنية لعام 2021 عالٍ جداً، وهو أمر راقٍ وحضاري، وسيعمل على إيجاد نقلة نوعية في مستوى الخدمات المقدمة، ومستوى الدولة بشكل عام، أمام بقية دول العالم، وبالتالي فإن ذلك يتطلب بالضرورة وزراء على مستوى عالٍ من العمل والجهد، ومن أجل ذلك كان من الطبيعي أن تحدث بعض التغييرات الوزارية، وبما أنها ليست ضرورية في «الوقت الراهن»، فإن ذلك لا يعني أنها ستكون ضرورية للغاية في وقت لاحق. عموماً التغييرات الوزارية في جميع دول العالم ليست من الأمور المستغربة، بل هي أمور عادية تجري بكل سلاسة، ولا تعني التغييرات أي إساءة إلى شخص الوزير المُعفى من وزارته، كما أنها لا تمسه بشكل شخصي، فالأسباب كثيرة، والتغييرات مستمرة، لدرجة أن بعض الدول العربية تجد بها في كل شارع أو حي ثلاثة وزراء سابقين، وفي دول أخرى أطلق مسمى «معالي الشعب»، لكثرة عدد الوزراء المقالين والمستقيلين.

reyami@emaratalyoum.com

تويتر