نحن بحاجة إلى «حاضنات»!

سامي الريامي

لدينا كثير من العقول المفكرة، من الفئات العمرية المختلفة سواء من الشباب حديثي التخرج ممن يمتلكون إبداعات ومواهب فكرية، أو من الأجيال السابقة، ومن المتقاعدين أيضاً عسكريين كانوا أو مدنيين. هؤلاء الذين أسهمت سنوات العمل الطويلة في تشكيل خبرات متنوعة مملوءة بالإبداع في أفكارهم ومخيلتهم.

ومع ذلك، فإننا لا نمتلك، للأسف الشديد، المكان المناسب لتفريغ هذه الأفكار والإبداعات وتحويلها من عالم الفكر والخيال إلى عالم الواقع للاستفادة القصوى منها. بمعنى أصح، نحن بحاجة إلى حاضنات أفكار لاستيعاب كل فكرة قابلة للتطبيق، والاستفادة القصوى من كل الطاقات والمواهب الحالية أو المتقاعدة.

بالتأكيد ليست كل فكرة قابلة للتطبيق، وبالتأكيد لدى كل إنسان فكرة ومقترح يعتبرهما في غاية الأهمية، وقد يكونان فعلاً كذلك، لكن هذه الأفكار كلها لا تجد المنفذ الصحيح الذي يوصلها إلى عالم الواقع، وهنا بالذات تكمن أهمية وجود حاضنات أفكار منتشرة في أماكن مختلفة من الدولة، تشرف عليها جهة رسمية تستقبل صاحب كل فكرة تطويرية، مهما كان حجمها أو نوعها أو القطاع الذي تستهدفه، ومن ثم يتم تدارس الفكرة ورفعها إلى الجهة المختصة بعد توثيقها لمصلحة صاحب الفكرة، والجهة المعنية هي المخولة بقبولها أو رفضها مع إبداء الأسباب والرد على صاحب الفكرة بالقبول أو بالرفض.

قد تبدو المسألة صعبة، وقد ينتج عن ذلك آلاف من الأفكار العادية أو البسيطة، لكن في المقابل قد نحصل على عشرات الأفكار المفيدة والقابلة للتنفيذ، خصوصاً أنها ستأتي من فئات مختلفة من البشر لدى كل منهم تراكمات خبرات منوعة من مجالات منوعة.

والأهم من ذلك، هو إدماج الجميع في تطوير المجتمع، وإعطاء حس المسؤولية والمشاركة الجماعية لكل الأفراد، وزرع الحماسة والثقة في كثير من الموظفين والمتقاعدين للمساهمة المجتمعية، وإبعاد شعور العزلة والابتعاد عن الحياة العامة لدى عدد ليس بقليل منهم.

ما أجمل أن يشعر الإنسان بأنه عنصر فاعل في المجتمع، ولا أصعب على النفس من الشعور المعاكس لذلك، وكثير من شبابنا لديهم أفكار مبدعة قد تكون في كثير من الأحيان بعيدة عن مجال عملهم أو تخصصهم، لكنهم يصطدمون بعراقيل كثيرة لإيصالها من باب عدم الاختصاص أو الموضوع «لا يعنيكم»، وما أسهل مثل هذا الرد، وما أكثر من يردده.

هي فكرة قابلة للتنفيذ، كما أنها قابلة للنجاح من عدمه، لكننا في كل الأحوال لن نخسر شيئاً إذا ما تم افتتاح مكاتب مخصصة لاستقبال الأفكار، بل على العكس تماماً، سنكسب الكثير، ولربما حصدنا الكثير من الثمار، وانتبهنا إلى كثير من الأمور التي لم نكن نعيرها أي اهتمام، وسنزرع الحماسة في نفوس الكثير، وبالتأكيد سنفاجأ بحجم وأعداد الأفكار التي ستتوافد علينا، وأكاد أجزم بأن كثيراً من أبناء الوطن يريدون فقط المساهمة بأفكارهم لتطوير مجتمعهم، ولا يريدون أكثر من ذلك ، فهل من الصعب أن نمنحهم هذه الفرصة؟!

 

reyami@emaratalyoum.com

تويتر