الاستمتاع بالجو الربيعي..

سامي الريامي

الذهاب إلى المكاتب للعمل في مثل هذه الأجواء الربيعية الجميلة أمر في غاية الصعوبة، فالنفس تهفو هذه الأيام بالذات إلى الاستمتاع بهذا الجو الأكثر من رائع سواء في المخيمات البرية، أو بالقرب من الشواطئ، ولا شيء أفضل من الطبيعة في هذه الأيام من السنة لشحن الذات معنوياً بشحنات إيجابية تساعد على إلقاء الشحن السلبي والضغط، والتوتر الناجم عن العمل جانباً.

كلما اقتربت من المكتب صباحاً جاءني هاجس ذلك الشاعر الفرنسي الذي تجهز للذهاب إلى العمل صباحاً، لكنه لاحظ أن الجو كان في غاية الروعة، من حيث النسمات الباردة، والغيوم التي تظلل مختلف زوايا المنطقة وطرقاتها، فاتجه عائداً إلى منزله وهو يقول: «من البؤس أن أهدي هذا اليوم لرب العمل»، بالتأكيد لا أستطيع أن أفعل مثله، ولن أتمتم بتلك الكلمات مثله، وبالتأكيد فإن جميع موظفي الدوائر هذه الأيام يتحسرون على جلوسهم خلف المكاتب في هذه الأجواء، لكن العمل يبقى دائماً أهم من كل شيء.

لن يغادر أي منا مكتبه للاستمتاع بالبر أو بالجو، قبل إنجاز مهام الوظيفة، لا خلاف على ذلك، ولكن من المؤسف حقاً أن الأنشطة والفعاليات البرية مازالت محدودة في الدولة، أو بالأحرى غير منظمة، وبدلاً من أن تسارع الجهات المعنية بتنظيم استمتاع الأهالي بالجو الربيعي، تترك الأمور هكذا، ولا تأخذ سوى طريقين، إما المنع الكامل أو التجاهل التام.

وعلى سبيل المثال تم خلال السنوات الماضية منع نشاط تأجير الدراجات الرباعية في دبي، ولا ننكر أن هذا المنع جاء بعد أن وقعت حوادث عدة، لكن كان من الأفضل تنظيم هذا النشاط بدلاً من إلغائه تماماً، فليس الجميع مشاغباً، وليس الجميع «فوضوياً»، وليس كل من يقود دراجة رباعية هو من هواة رفعها على «تايرين»، أو من هواة تأدية الحركات الخطرة في الشوارع العامة.

كان من الأحرى تخصيص أماكن لهواة الدراجات الرباعية في الأماكن البرية، وكان من الأفضل وضع المواصفات الممكنة والشروط الواجب توافرها لضمان السلامة، وتوفير الأمان لجميع محبي هذه الهواية، وكان من الأفضل التدخل بشكل مدروس للاستفادة من هذا القطاع الواسع من مختلف الجوانب في تنشيط السياحة الداخلية، وإنعاش جانب من جوانب الترفيه العائلي بشكل آمن.

المنع ليس حلاً، وحوادث الدراجات النارية بمختلف أنواعها لم تنته، ولن تنتهي، بل على العكس تماماً زادت حدتها بسبب الفوضى الموجودة في هذا القطاع، وغياب الأنظمة والقوانين، ودوريات الشرطة لن تستطيع بشكل من الأشكال ملاحقة الجميع في مختلف المناطق.

مازلنا إلى اليوم نفتقر إلى وجود أماكن مخصصة للرحلات البرية والمخيمات العائلية، وعلى الرغم من ترامي المناطق الصحراوية الجميلة، فإنها إلى اليوم غير مستغلة وغير مهيأة لاستقبال العائلات، ومازالت أعداد غفيرة من المواطنين والمقيمين لا تعرف كيفية الاستفادة من هذا الجو الرائع، وبالتالي من البؤس حقاً أن تضيع هذه الأيام الجميلة بين الجدران المنزلية وأمام الشاشات الصغيرة، من دون الخروج للطبيعة حتى تغسل سلبيات وضوضاء المدينة والعمل.

 

reyami@emaratalyoum.com

تويتر