..على طاولةٍ في الشام!

إبراهيم جابر إبراهيم



عندما تحبُ المرأةُ فهي تستطيعُ أن تأتيك من «باريس» لتلبي دعوتك على فنجان شايٍ في الشام!

وحين تنصرفُ بقلبها عنك، فهي أكثرُ كسلاً من أن تناولك «علبة السُكّر» عن الطاولة، تلك التي تبعدُ عن أصابعها سبعة سنتيمترات.. فقط!

هي المرأة هكذا.. أو بكلامٍ أدقّ: هو الحبُ هكذا مثل ولدٍ أرعن، ومن حُسن حظ الكائنات أنها ليست في حالة حبٍ على الدوام!





من قال إن الحب يُصاب بالتعب، وإنه مثل أي عاملٍ آسيويّ، يحتاج إلى الليل لينام؟

المرأة التي تُحب تسافرُ مرتين، بين قارتين، وتصعد أربع طائرات، في ليلةٍ واحدة!





هل جربتَ أن تأكل من طبقٍ أعدّته امرأةٌ عاشقةٌ لرجلها؟

خُبّيزة منقوعةً بالعسل، قمح مجروش مع السُمّاق، وبصل وزيت فركته لك بأصابعها الطويلة المدربة على البيانو..

النباتات التي تُطهى بشغف يصير لها مذاقٌ يشبه رائحتها وهي على أمّها الشجرة!





.. وهي أيضاً كالمجنونة، في مطار «باريس»، تتفقد أكمامها، أساورها، وأسماء أولادها، ثم تركضُ الى الطائرة لتعود إليك مفزوعةً، ومنتشيةً بكذبتها: نسيتُ مفاتيحي بجانب «علبة السُكّر» على طرف طاولتك في الشام!





المرأةُ التي تشبهُ نهوضَ رمحٍ، أو اندفاع بحرٍ قليل الصبر، أُصيبتْ بالحكمة، وصرتَ أنتَ مجرد فكرةٍ خَطَرت، أو نوبةً قصيرةً من الصداع، أو أنكَ كنتَ سلاماً عابراً.. مثلَ تحية يتبادلها الغرباء ثم يتركونها مع الصحف وقشر البرتقال على مقاعد «المترو»!





النضج الذي كان دائماً علامة فارقةً تغار منها زميلات المدرسة، صار الآن مثل أي قطعةٍ من أثاث البيت، وفائضاً عن حاجة امرأةٍ رمت خلفها كل مشابك شعرها وأدوات زينتها..!



لأن هنا من يظلّ ساهراً.. المرأةُ حين تُحبّ تنام!

 

nowaar@hotmail.com

تويتر