تَعرف بالمواطنة الصالحة.. لو سمحت

مصطفى عبدالعال

في رسالة سموّ الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم ولي عهد دبي، حفظه الله، لبرنامج «وطني» بخصوص (معرض المواطنة الصالحة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم) الذي يستعد البرنامج لإطلاقه تحت رعاية سموّه، قال سموّه «هذا المعرض يُعد تشريفاً وواجباً دينياً يجب التركيز عليه»، ووجّه سموّه شكره الخاص للقيام بالتعريف بأخلاق نبي الإسلام باللغتين العربية والأجنبية، فما قصة هذا المعرض؟ تبنى برنامج «وطني» فكرة المعرض بالتعاون مع مركز بحوث ودراسات المدينة المنورة - لما رأى انبهار زوار المعرض بالمدينة المنورة من مواطني دولتنا الحبيبة خلال رحلات الحج والعمرة التي ينظمها البرنامج ضمن فعالياته لتعزيز الهوية، مع التركيز خلال هذه الرحلات على التعرف إلى تاريخ الحرمين الشريفين وآثار المدينة المحببة إلى كل النفوس، حيث هويتنا النابعة من تراثنا الديني والعربي الأصيل - والتي أرساها النبي صلى الله عليه وسلم - ونحن نحياها كموروثات نعيشها من دون أن ندرك جذورها العميقة. وكما قال مدير برنامج «وطني» في مقدمة كتيب التعريف بالمعرض: إن فكرة المعرض ليست عرض أفلام وصور ومجسمات، بقدر ما هي وقفات تاريخية تؤصل تراثنا وهويتنا، وأن جزيرة العرب حقيقة مهد الحضارات، وأن المواطنة الصالحة ومعايشة كل جنسيات العالم إنما هي رسالة ديننا، وأن السماحة وحسن الجوار أساس عقيدتنا، وما انتشر الإسلام في عصوره الذهبية في الكون كله إلا بتمسك أهله بمبادئه السمحة الشاملة لكل متطلبات الإنسان على مر العصور، مسلماً كان هذا الإنسان أو غير مسلم. وإلا فما معنى أن يحتكم غير المسلم إذا اختلف مع المسلم إلى رسول المسلمين؟ إنه مبدأ المواطنة الصالحة - بواجباته وحقوقه - الذي أرساه صلى الله عليه وسلم بين كل المواطنين بصرف النظر عن انتمائهم للإسلام أو كانوا من المعاهدين، هذا الانتماء الذي أصبح سمة كل المقيمين على أرض المدينة من المهاجرين والأنصار وأهل الذمة المعاهدين، وظهر ذلك جلياً في اتحادهم جميعاً دفاعاً عن الوطن في غزوات عدة كغزوتي أحد والأحزاب، لاسيما أن الاتفاقية بين الرسول والمعاهدين من أهل الذمة كانت تنص بنودها على الدفاع عن الوطن وعدم إعانة المعتدين، وضمن لهم الرسول حقوقهم بين المسلمين بما عُرف بحقوق أهل الذمة في الإسلام، وما طرد من يهود المدينة إلا الذين غدروا وأعانوا العدو وكانوا للوطن خائنين، بينما ظل مع المسلمين كثير من اليهود الغيورين والذين كانوا بالعهود ملتزمين، وحسبك أن يموت صلى الله عليه وسلم ودرعه مرهونة عند يهودي مع كثرة أغنياء المسلمين. وكذلك فإن تأسيس أول مضمار لسباق الخيل بالمدينة يشارك فيه الرسول، وإنشاء أول سوق حرة بالمدينة لم يُمنَع عنها اليهود وغير المسلمين، وإنشاء بيت المال تموّله زكاة المسلمين وجزية غير المسلمين، كل ذلك وغيره إنما يترجم مبدأ المواطنة الصالحة التي يحتاجها العالم كله اليوم إذا أردنا العيش آمنين، فلا يفوتك معرض المواطنة الصالحة.. لو سمحت.

 

 المستشار التربوي لبرنامج  «وطني»

mustafa@watani.ae

تويتر