من المجالس

عادل محمد الراشد

اللغة العربية ضعيفة في مدارسنا، ولذلك فهي ضعيفة في حياتنا.. ضعيفة في مؤسساتنا وأعمالنا، بل أصبحت ضعيفة في مفردات تعبيرنا. أكثر المسؤولين والمتحدثين يقفون أمام الميكروفونات ليقرأوا كلماتهم بلغة عربية «مكسرة»، وكثير من هؤلاء صار يهرب إلى اللغة الإنجليزية في إلقاء كلماته ليهرب من ضعفه في قدرته على التعبير بلغته الأم. وأكثر المذيعين والمذيعات، إن لم يكن جميعهم، فرّ إلى العامية كوسيلة تواصل مع مشاهديه ومستمعيه، غارقاً في التقعير والمحلية إلى مستوى لغة الشارع. أمّا حال الغالبية العظمى من طلابنا وطالباتنا في استيعابهم وتمكنهم من لغتهم العربية فيثبته ضعف الإقبال على القراءة، ومستوى القدرة على التعبير.

كل هذا له أسبابه وله مقدماته. فاللغة كفن ومهارات وعلوم تكتسب من المدرسة، من المنهج والمعلم والوسائل، وجميعاً أصلها السياسة التعليمية. ولا ننكر تأكيدات المسؤولين عن التعليم في الدولة، بالوزارة ومجالس التعليم، حرصهم على مكانة اللغة العربية في المدارس، ولكن هذا الحرص يقابله حرص مضاعف تتلقاه اللغة الإنجليزية، لا كلغة فقط، وإنما كوسيلة توصيل ونقل العلوم والتعامل مع العصر. وهذه السياسة حصرت اللغة العربية في حدود الموروث، والتمتع بفنونها، وربطتها فقط بحدود العاطفة المتجهة إلى الهوية والتعلق بالتاريخ، في الوقت نفسه الذي تم فيه إخراجها من دائرة المنافسة وإثبات الوجود في مجاراة العصر واستيعاب العلوم ومواكبة التقدم.

وعلى الرغم من الجهود التي تبذلها وزارة التربية والتعليم لتطوير أدوات ووسائل تعليم اللغة العربية في المدارس، فإن لغة الضاد ستظل تعاني من الضعف في استعادة دورها الطبيعي في المجتمع، لأن التشتيت قائم، وسياسة «صاحب البالين» هي السائدة. والإصرار على ألا تقدم ولا استيعاب للعلوم ومواكبة العصر إلا بالإنجليزية، حتى في رياض الأطفال، سيجعل كل تلك الجهود هباءً منثوراً، يعجز في المستقبل عن جعل العربي على هذه الأرض يفرق بين الفاعل والمفعول به!

 

adel.m.alrashed@gmail.com

تويتر