اللي ما منه فايدة تركه فايدة

سامي الريامي

كما ذكرت بالأمس، حكومة دبي لا تعاني أبداً شحاً في الموارد، فالإيرادات الحكومية عالية جداً مقارنة بالوضع الاقتصادي المتأزم في العالم، فهي تبلغ 29 ملياراً و400 مليون درهم، ولكن المشكلة الحقيقية تكمن في المصروفات التي تبلغ 35 ملياراً و400 مليون درهم، خصوصاً أن هناك مبالغ كبيرة جداً من هذا البند تصرف دون داع.

لو عدنا للوراء قليلاً إلى العام ،2005 نجد أن تكاليف رواتب موظفي حكومة دبي بلغت في تلك الفترة خمسة مليارات درهم، أما اليوم وبعد مرور أقل من خمس سنوات أخرى من ذلك التاريخ، فإن تكاليف رواتب موظفي الحكومة وصلت إلى 12 مليار درهم!

لا ننكر أهمية زيادة الرواتب، ولابد من زيادتها لضمان مواكبة حياة الناس لمستوى المعيشة، ولكن الفرق بين الرقمين كبير جداً، وهو دون شك لم يذهب في خانة زيادة الرواتب، لكن المؤكد أن هذه الزيادة الكبيرة نجمت عن توسع النشاط وزيادة عدد الدوائر والهيئات والمؤسسات التي تشعبت من الدوائر الرئيسة.

هذه الزيادة غير المبررة في الهيئات والمؤسسات، واكبتها زيادة أخرى غير مبررة في أعداد الموظفين، ومن الغريب فعلاً أن يصل عدد الموظفين الحكوميين في إمارة دبي إلى أكثر من 74 ألف موظف، وبكل تأكيد فنحن لا نتحدث هنا عن تعيين موظفين مواطنين، حيث تؤكد الأرقام أن نسبتهم في هذه التغييرات كلها بلغت فقط 30٪ من إجمالي عدد الموظفين الذين تم تعيينهم في المؤسسات والهيئات الجديدة، وذلك يعني بالضرورة أن 70٪ من الوظائف الجديدة ذهبت إلى أجانب، وبلغة الأرقام فإن حصة توظيف المواطنين في تكاليف الرواتب وصلت إلى أربعة مليارات درهم، بينما ذهبت ثمانية مليارات درهم لتوظيف الأجانب!

ومع ذلك، فلا مانع من التعيين والصرف والإنفاق وإنشاء الهيئات بكثرة إن كان ذلك كله في مصلحة المدينة والمجتمع وأفراده، ولا مانع من توظيف الأجانب وبرواتب مجزية إن كانت مصلحة البلد تستدعي ذلك، ولكن الواقع العملي يثبت أن الخدمات المقدمة في السنوات الخمس الماضية لا تختلف كثيراً عما قبلها، وبقليل من الدراسة العملية والعلمية سنكتشف أن معظم المؤسسات والهيئات الجديدة لم تضف أي جديد إلى المدينة، وبالتالي لن يتأثر المجتمع أبداً بغياب أي منها!

نحتاج إلى أن نعرف ماهية عمل هذه الهيئات، ونحتاج إلى أن ندرس كلاً منها على حدة، ولابد أن نتأكد من أن وجود هذه الهيئات والمؤسسات الجديدة، يتناسب ويواكب الخطة الاستراتيجية لإمارة دبي، ونتأكد من مبررات وجودها أصلاً، ومن آثار وجودها أو غيابها، وسلبياتها وإيجابياتها.

وبعد ذلك كله، لابد من وضع استراتيجية جديدة قائمة على الحاجة الفعلية لكل مؤسسة وهيئة، ولا مانع من الإبقاء على المهم، والاستغناء عن غير المهم، أو العمل على دمج ما يمكن دمجه، وإنهاء ما يمكن إنهاؤه، كما لا مانع من الخصخصة قدر الإمكان، وإعادة الهيكلة قدر الإمكان، مع وضع المثل القائل «اللي ما منه فايدة، تركه فايدة» في عين الاعتبار، فهو بكل بساطة الحل الأفضل للترهل والتشعب وبعثرة المال والجهد!

reyami@emaratalyoum.com

تويتر