قبل فوات الحلم..

باسل رفايعة

أطالب العام 2010 أن يمرّ سريعاً، من دون حروب وكوارث طبيعية وأوبئة وأزمات اقتصادية في العالم، وأطالبه بشدة أن يمرّ علي شخصياً بلمح البرق من دون حزن أو كدر، أو تجاعيد في الوجه، أو شيب متزايد في الشعر، ولا أريد أن أمرض في هذا العام حتى ولو بزكام.

أنا مواطن عربي، تعبتُ كثيراً من ملاحقة السنين، والتسول من أيامها حريةً وسلاماً وتقدماً وحقوقاً إنسانية. وأُلحّ على العام الجديد أن يستحي من كبريائي، وأن يعوّضني ما قصّرت فيه الأعوام التي سبقته، ولم أعتب عليها. أناشده بحقوق ضائعة، وأرجوه ألا يتوهم أنني أطالبه بالمستحيل.

وأزيد بمطالب عامة، بسلام دائم وشامل وعادل في فلسطين والعراق، فأنا كأي عربي أتخيل أن لدي مكبر صوت، وأمامي تحتشد جماهير غفيرة، ومن واجبي أن أغازل الناس، وأكرر لهم عبارات محفوظة ومألوفة. وعليه أطالب أيضاً بإصلاح التعليم في العالم العربي، بحيث يكون مصدراً للحرية والتنوير والإبداع، وباستقلال قضائي عام وتام في بلاد العرب، وبعقوبات مشددة في الدساتير العربية ضد كل جهة تشريعية تكبل الحريات العامة والفردية.

وقبل ذلك أريد بإصرار كبير إلغاء قوانين المطبوعات والنشر من المحيط إلى الخليج، لأنها أسوأ ما يورثه كل عام لآخر، ولأن لا سبيل لإصلاحها أو تعديلها، ولأن واضعيها لايزالون يعتقدون أن الكلمة والصورة مرضان خطيران، لابد من محاربتهما.

أنا مواطن عربي، ومن حقي أن تكون لي أحلام وأمنيات، قبل عام من انتهاء العقد الأول من القرن الحادي والعشرين. ولا آبه إن كانت أحلامي واقعاً يعيشه آخرون في أجزاء أخرى من العالم. صحيح أن لأولئك الآخرين سحنة غير سحنتي، وتاريخاً غير تاريخي، ولكننا في نهاية الأمر نتقاسم الأرض بهوائها وشمسها وشبكتها الإلكترونية، ومن حقنا جميعاً أن نعيش بسلام وحرية وشغف، وكأن كل يوم في الروزنامة حياة بطولها وعرضها.

بل إنني، كمواطن عربي أستحق أكثر من غيري أن أحلم قبل فوات الحلم، فقد سامحتُ التاريخ على قرن كامل من غياب الهوية، وغياب الحرية، وغياب الأفكار، وسامحت نفسي على المشي طويلاً إلى آخر السباق، وحينما بلغت منتهاه، كان الآخرون منهمكين في سباقات أخرى. سامحت نفسي وعذرتُها، فقد كان لدي ناقة مريضة تطورت إلى مركبة ميكانيكية بطيئة، انشغلت طويلاً بالدهشة من أسرارها وهدير محركاتها، في حين كان الآخرون يهبطون على القمر، ويضحكون على كثير من القصائد التي كتبتها في ضوئه واستدارته وجمال سطوعه في ليلي العربي الطويل.

يقولون إن الأحلام مثل الأعوام، تُصبح ماضياً، إن لم تعشها. وفي سبيل ذلك، وقبل فوات الحلم أريد من العام 2010 أشياء بسيطة، وأُصرّ عليها قبل أن ينتهي، فأنا أخشى أن للحلم موعداً زمنياً محدداً، وأن الذين يصلون بعده محرومون من أحلام النوم واليقظة. وأخشى أن الحلم لا يمهلك طويلاً إذا فشلت في تحقيقه، أو على الأقل إذا لم تمشِ في الطرقات التي تؤدي إليه.

 

baselraf@gmail.com

تويتر