حوار طرشان

حازم سليمان

* القصة الكاملة لنهاية علاقة «ع» و«ج».
.....

ع: السلام عليكم.

ج: يا رجل قل السلام عليكم.. ما في فايده.. لن تغير هذه العادة أبداً..

ع: تبدو متعباً.. ووجهك مُصفر.. هل أنت بخير؟

ج: سائق التاكسي أخذ 20 درهماً والعداد كان 15. هكذا وبكل وقاحة..

ع: أي بسيطة.. أنا أيضاً ذهبت البارحة إلى المشفى، كان ضغطي مرتفعاً.

ج: معك حق.. نشرات الأخبار صارت مثل أفلام الرعب.

ع: يبدو أنه لم يعد لنا في هذه الحياة مكان.. كل شيء تغير. أشعر بأن كل من حولي حتى أولادي يريدون استغلالي.

ج: لا.. لا.. ليست حماس وحدها المخطئة، فتح كذلك، كل جهة تريد وطناً على مزاجها.

ع: يا رجل.. في كل يوم أتأكد أن الطيبة اختفت من قلوب الناس. حين أتذكر الحياة سابقاً أشعر برغبة في البكاء.

ج: عم تحلم.. اي فلسطين؟.. ومن سيحررها؟.. وطن فيه 160 مليون أميّ ليس بمقدوره أن يحرر نملة.

ع: والله الوالدة الله يرحمها، لم تكن تسمح لنا بتناول الطعام قبل أن نوزع من طبختنا على كل الجيران.

ج: معك حق.. والأشنع من ذلك، أن الأمم المتحدة عاجزة عن فعل شيء. تقول إن ميزانيات التعليم عند العرب هي الأقل في العالم. وإنها تتعرض للاختلاس والإنفاق العشوائي.

ع: وهل هذه أشياء تُنسى.. كنا نجتمع كل مساءً، الجيران والأقرباء، ونسمع هموم بعضنا. في مثل هذه الأمسيات تعرفت إلى أم محمد. كانت مثل النسمة رقيقة وناعمة وبالكاد يُسمع صوتها.

ج: من أين تأتي بهذا الكلام.. هذه إسرائيل «جارتنا»، صارت من أكثر الدول نمواً، ولديها جيش أكثر تطوراً من كل الجيوش العربية.

ع: هذا الذي لم أستطع فهمه حتى الآن.. كيف انقلبت هذه المرأة، وتحول صوتها الهامس إلى صراخ مرعب. وبعد الولد الثالث صارت تتعامل معي على أنني غير موجود، لم تكن قادرة على رؤية وجهي.

ج: أتعلم.. أشعر بأننا عشنا خديعة كبرى.. لماذا حاربنا كل هذه السنوات. ولماذا فقدنا خيرة شباب بلادنا. يا رجل كان المجاهدين يجو من جبال المغرب والجزائر.

ع: كلامك صحيح.. ليس أم محمد فقط من تغير، أنا أيضاً تغيرت.. الحياة كانت صعبة جداً.

ج: أمس، سألني حفيدي هل سترجع فلسطين؟ فكرت كثيراً.. وقلت له: لا. كانت كلمة صعبة، لكنني لم أرد له أن يعيش الخيبة نفسها.

ع: الله يرحمها أم محمد على الرغم من كل عيوبها احتملت معي كثيراً. مررنا بأيام فقر لا يعلم بها إلا الله.

ج: هه هه هه هه هه.. أجمل طرفة سمعتها من عشر سنوات.. هه هه هه هه.

ع: عار عليك أن تسخر من كلامي.. اعتقدتك صديقاً.. تفوه عليك..

ج: الأسواق مليئة بالخيار.. يمكنك أن تشتري في الطريق إلى المنزل.

ع: كلامك مردود عليه.. على كل حال لن أجادلك.. طوال حياتك وأنت جاهل.

ج: الساعة 7 جيد.. سأنتظرك هنا.. لا تنس أن تحضر لي أسطوانة أسمهان.. صار لي أكثر من عام وأنا أطلبها منك..

ع: للأسف أني خسرت آخر صديق في حياتي.. لم أكن أتوقعه أن يكون هكذا.

ج: وعليكم السلام ورحمة الله..

....

* مات «ج» بعد يومين، وظل «ع» ناقماً عليه إلى أن مات هو الآخر بعد عام ونصف العام.

hazemm75@hotmail.com

تويتر