أقول لكم

محمد يوسف

أصحاب الفكر الجديد، أولئك الذين ظهروا في السنوات الأخيرة، ونادوا باللاقومية العربية، وأداروا دفة الأمور نحو الإقليمية الضيقة، وحاولوا بالإقناع أن يسقطوا كل الخيارات لدى الأمة، وعملوا بكل جهد تساندهم آلة إعلامية ودعائية لا محدودة، ليغيروا كل ما استقر في الوجدان، ويجعلوا من المنطق الجديد مساراً يحل مكان كل مساراتنا التاريخية. هؤلاء عابوا على الأجيال التي سبقتهم تمسكهم بمبادئ لم تؤد سوى إلى الهزائم والانتكاسات ومزيد من التردي، وكدنا نصدقهم عندما نسمع الكلام، فالكلام الذي طرح وأشغلت به كل الأمة كان يقدم جديداً نظرياً، ولكننا مع التجربة، وبعد أن تقبلنا أن نجمد استعادة الحقوق ولو بالقوة، وأن نجعل من العدو شريكاً مستقبلياً، وأن نمد أيدينا لمن يمكن أن يعضها، وأن نقبل بالتفاوض مقابل بعض الفتات، وأن نسمح بتقديم تنازلات تلو تنازلات، وأن نلتفت إلى الداخل فقط، ونكون طيبين مع الجميع، وأن نجامل هذا، ونسمع وجهة نظر ذاك، وأن نقول لمن يطالب بحقه: اصمت، وأن نصف من يرفض الصمت بكل الأوصاف السيئة، وأن نصف من يقاوم غاصب أرضه بالإرهابي، وأن نقبل مصافحة الأيدي الملطخة بدمائنا، وأن نرى المذابح ولا نطالب بحق الإنسانية. بعد كل ذلك، ماذا جنينا؟!

أقول لكم، يوم أمس طاردت قوة إسرائيلية ثلاثة فلسطينيين داخل البيوت في أحيائهم السكنية في أراضي السلطة الفلسطينية، وأعدمتهم أمام الجميع، والضفة تفقد في كل يوم قطعة من أرضها لتبنى مستوطنة، ونتنياهو يوقف الاستيطان في جهة ويبني المستوطنات في جهة أخرى، ويلعب غيره في «الفكة» العراقية ليحتل بئر بترول، ويتكون جيش موال للشيطان في جبال اليمن، ويمتد ليداخل أراضي السعودية، ويصنع حرباً في الجنوب، وجنوب السودان يستعد للانفصال عن الشمال وتأسيس دولة عنصرية جديدة، وحرب كرة بين مصر والجزائر، ويعلن أصحاب الفكر الجديد عجزهم، ويكفينا أننا كنا نواجه الأعداء قبلهم بكرامة وعزة نفس، أما بعدهم فنحن نهزم كل يوم بصمت من لا حول لهم ولا قوة.

 

myousef_1@yahoo.com

تويتر