سياسة سوء الفهم

عادل محمد الراشد

في العامية يسمّونها «استعباط» وفي السياسة ابتدعت الدبلوماسية الإيرانية لها مصطلحاً جديداً أطلقت عليه وصف «سوء الفهم». ويبدو أن سياسة التمدد الإيرانية أصبحت تقوم على مبدأ وضع اليد ثم التفاهم لإزالة «سوء الفهم».

في الأيام الماضية عبرت قوات إيرانية الحدود العراقية، واحتلت أراضي عراقية، ووضعت يدها على بئر نفطية عراقية، ورفعت عليه العلم الإيراني. وعندما صدرت الاحتجاجات من الجانب العراقي وعدد من الأطراف العربية ردّت الدبلوماسية الإيرانية بأن هناك «سوء فهم» وسيتم تداركه مع الجانب العراقي. وقد تزحزحت القوات الإيرانية مسافة 50 متراً لاغير عن بئر «الفكة» العراقي دون أن تسحب آلياتها وجنودها من كامل الأراضي التي احتلتها أخيراً، انتظاراً في ما يبدو لحل موضوع «سوء الفهم» المتهم فيه بالطبع الجانب العراقي الذي غار على أراضيه. ومصطلح «سوء الفهم» هذا هو سيد الموقف الإيراني من قضية احتلال الجزر الإماراتية الثلاث أبوموسى وطنب الكبرى وطنب الصغرى. ففي كل محفل وكل مناسبة وفي الردّ على أي سؤال بخصوص هذه القضية ومن أي مسؤول إيراني بالمستويات والرتب كافة تكون الإجابة بأن القضية تتلخص في (سوء فهم)، وسيتم حلّه ثنائياً. وقد مضى على هذا (السوء في الفهم) قرابة الأربعة عقود دون أن تُبدي إيران أي استعداد لإنهاء احتلالها للجزر وحل الخلاف بحسن فهم وحسن نية. وعليه يمكن أن نتوقع امتداد سوء الفهم الإيراني الجديد الذي تمدّد هذه المرة غرباً باتجاه الأراضي العراقية. وربما نتفق مع الدبلوماسية الإيرانية بأن هناك نوعاً من سوء الفهم، ولكنه ليس لدى الجانب العربي، لأن الأوطان وحدودها لاتخضع للظن والفهم بالتخمين، ولكنه في الحقيقة يبدو سوء فهم إيران لنفسية جيرانها، وقلة فهم لحقائق التاريخ، ومتطلبات المصالح المشتركة والمستقبل المشترك اللذين لايمكن التحدث عنهما أو المراهنة عليهما من دون وعي وترفّع عن الأطماع والأحلام القديمة والتعامل بفهم حسن خالص من أي سوء للنية.

adel.m.alrashed@gmail.com

تويتر