ظبية والجامعة العربية

ميره القاسم

تابعت، كغيري، وقائع ما جرى بين الأديبة والدبلوماسية الإماراتية ظبية خميس وأمين عام جامعة الدول العربية عمرو موسى، وما كتبته في مقالها المنشور في القاهرة، حول كتاب زميلتها كوكب الريس التي صمتت لتسع سنوات قضتها داخل أروقة الجامعة إلى أن استقالت في صيف ،2009 فقررت الخروج عن صمتها ونشر الغسيل العربي، على غير العادة التي نعلمها عن القريبين من دوائر صنع القرار العربي.

أصدرت كوكب الكتاب، وكان يمكن أن يمر مثل أي كتاب آخر، لكن المشكلة حدثت حين وافقت ظبية (فقط لأنها تعمل في الجامعة) على بعض ما جاء في الكتاب، فثارت ثائرة موسى، لأن هذا اعتراف من «أهل الجامعة نفسها» بأن ما كالته الكاتبة من الاتهامات صحيح، أي على طريقة «وشهد شاهد من أهلها»... والسؤال: هل كانت ستثور ثائرة موسى، لو أن الكاتب ليس موظفاً في الجامعة العربية؟! هل كان سيطالب بالتحقيق معه، ويمارس عليه القمع الفكري؟

لا يوجد أحد في العالم العربي لا يعلم بالوضع المهلهل والرث الذي تعيشه جامعة الدول العربية، ومواقفها شاهدة على ذلك. ولا أتوقع أن هذا الأمر يخفى على كوكب، أو ظبية، أو أي من العاملين في الجامعة وإداراتها (وإن صمتوا عليه إلى حين)، لكن الجديد في المسألة أن «المستور انكشف وبان»، على حد تعبير الأشقاء في مصر، وأن واحدة من «أهل البيت» قررت أن تنشر محتوياته على الملأ.

أتوقع ألا تحرك انتقادات ظبية، ومن قبلها كوكب الجريئة التي كشفت لنا كواليس الجامعة على حقيقتها المرة، أي ساكن، ولن تؤثر حتى في مستوى حارة عربية صغيرة تفتقد لأبسط مقومات الحياة الكريمة، لأسباب متعددة، منها: ان أمين عام جامعة الدول العربية رجل شعبي بالدرجة الأولى، كسب حب مصر وأهلها وكثير من العرب حين كان وزيراً للخارجية، قبل أن يجري ترشيحه أميناً للجامعة، ليتولى زمام المصالحات العربية، ونزع فتيل المعارك الوهمية التي يفتعلها العرب بينهم من دون جدوى، وترتاح إسرائيل من «صداع الرأس» و«وجع القلب» الذي سببه لها الرجل، ولو كلامياً، ويتحول هو إلى معركة دينكوشيتية مع جامعة «لا تجمع»، في حين تنعم إسرائيل بتطوير قدراتها العلمية، ويتمتع مواطنوها بكامل حقوقهم على أرضنا المغتصبة!

علينا أن نعترف بأن انتقادات كتاب كوكب الريس صادقة، بل إنها لم تكشف إلا القليل مما يستشري في المؤسسات العربية، وليس الجامعة فحسب، ولا يسعني إلا أن أنظر لصاحبة الكتاب، وللشاعرة الجريئة ظبية خميس، بإعجاب، لكونهما استطاعتا كشف ما يدور في أروقة جامعة الدول العربية، ومقدرتهما على انتقاد امين عام الجامعة «حتة وحدة»، ولا ننسى أن ثقافة النقد غائبة عربياً، والتسيب الإداري (على عينك يا تاجر)، وطبقناه بحذافيره على بعضنا، وتفننا في تفصيله بكل الأحجام والمقاييس.

وبصراحة، لا أجد ما اقوله للمرأتين الثائرتين على ترهل جامعة الدول العربية غير «قلوبنا معكما»، وممارسة طبطبتنا العربيـة الشهيرة التي ستمدكما بالقـوة، حين نتذكركما بعد سنوات في مجالسنا، كلما تجرعنا فنجان قهوتنا العربيـة المرة!.

تويتر