أقول لكم
عند وقوع الأزمات، لابد أن نبحث عن الإعلام ودوره، وأن نتساءل عن مدى تعامله مع الأمور ومعالجته لتداعيات كل أزمة، وهذا شيء طبيعي، عندما ننظر إلى الإعلام العاكس للواقع، ولكنه غير طبيعي، ويدخل ضمن التنظيرات الفلسفية البعيدة عن الحقيقة والواقع، عندما نعرف كيف يعامل الإعلام عندنا!
وهذا كلام عام أقصد به دول المنطقة كلها، مع التطبيق العملي على واقعنا الذي نعايشه مباشرة هنا في الدولة، ولأننا نناقش مثالين حيين للأزمات، أحدهما وقع هنا والآخر في الشقيقة السعودية، وهما قضية ديون مجموعة دبي العالمية وسيول جدة، وقبلهما الأزمة المالية العالمية التي طالت كل المنطقة، والتي مازلنا غير قادرين على التحدث عن تأثيراتها في دولها، منفردة ومجتمعة، فالمعلومات سرية، ومن يحصل عليها غير مسموح له بنشرها بناءً على التعليمات والتوجيهات الهاتفية الصادرة عن وزارات الإعلام وإداراتها الرقابية أو الموجهة. وكلنا يعلم أن حظراً قد صدر، تماماً كما حدث في سيول جدة التي غابت الأخبار عن حجم أضرارها أياماً عدة، وكأننا مازلنا نعيش في ذلك الجو السبعيني المظلم، حيث يُعتمد عدم النشر أسلوباً لإخفاء الحقيقة، وتناسى القائمون على الأمور الفارق ما بين ذلك الزمن وهذا الزمان، فالعالم كله تغير، والأساليب تبدلت، وطرق الإقناع اختلفت، بينما جهاتنا الرسمية مازالت تصر على العيش في ذلك الماضي الذي ما عاد مجدياً، فإخفاء الحقائق الصغيرة اليوم يعني عدم حلها، وهذا يؤدي إلى تضخمها وفي لحظة تنفجر، ويكون ضررها كبيراً!
في قضية ديون مجموعة دبي العالمية، كنا بحاجة إلى شرح سريع للقرار الذي اتخذ بتأجيل السداد، مع توضيح العلاقة بين المجموعة والحكومة، وكذلك القوانين التي تستند عليها المجموعة في قرارها، ولو حدث ذلك في اليوم الأول، لتوقفت خيالات المتصيدين، وامتنع أصحاب الأغراض الدنيئة عن تحليلاتهم الكاذبة، ولكننا لم نفعل ذلك، واكتفينا ببضعة تصريحات لوسائل إعلام غربية، بينما كان الأصل دعوة وسائل إعلامنا إلى مؤتمر صحافي تُطرح فيه كل الحقائق وتُقدم المعلومات واضحة وشفافة!
الإعلام عندنا لم يقصر، ولكن النظرة المتخلفة للإعلام هي المقصرة، وهواة إخفاء الحقائق هم المقصرون، وغياب حق الحصول على المعلومات هو الذي أدى إلى الخلل في الأزمات الأخيرة، وسيؤدي إلى أكثر منها، مادمنا لانزال نعتقد أن من أهداف المسؤولية تعمية المجتمع والرأي العام!