«إساءة 2012»

عبدالله الشويخ

ما رأي القارئ الكريم لو قلت له إنني توجهت إلى دائرة التنمية الاقتصادية في دبي وحصلت منهم على ترخيص محل للتسلية، وكانت فكرتي تقوم على أن أضع كرسيين في مواجهة بعضهما، أنا أجلس على أحد الكرسيين والزبون يجلس على الكرسي المواجه لي، وبمجرد جلوس الزبون أقوم بصفعه على قفاه وهي بالمناسبة حركة تحتاج إلى لياقة عالية كونه يجلس مقابلي! ثم أشتمه ثم أبصق في وجهه، وأختم بشتم عشيرته وطائفته وربما في بعض الأحيان أقوم بسب ديخو لاعب البرتغال، وعلى الرغم من كل هذا يدفع لي الزبون 30 درهماً وهو يبتسم.. بل ويصر على أخذ موعد للأسبوع المقبل!

لماذا تنظرون إلى صورتي ببلاهة؟ هذه هي الصورة الحقيقية التي تحدث في دور السينما تماماً الآن، لا يخلو أي من الأفلام «المرخصة» من الدوائر الثقافية من مشهد أو مشهدين إن لم يكن الفيلم كله يسيء إلى العرب والعروبة، ناهيك عن لاعب البرتغال، وتصورهم كحيوانات ناطقة، ويقوم السيد أنيس عبيد أو غيره من المترجمين بترجمة ما يوجه إلينا من شتائم بعباراته المملة «سحقا» و«تباً لك».

الموضوع تكرر ودوائر الإعلام منذ عقد لم تحرك ساكناً ولم تتخذ أي خطوات فإما أن القائمين عليها يرون أن مهمتهم فنية بحتة وليست رقابية، وإما أنهم يرون أن هذه الأفلام ليست لنا بل للبريطاني والأميركي المقيمين في الدولة، ولهم الحق في أن يضحكوا على «بوعقال»، أو أنهم وليعذروني ليست لديهم غيرة على العروبة وعلى صورة العربي لأسباب أجهلها وقد يعرفونها هم!

آخر السيل كان فيلم «2012» الذي حقق نجاحاً كبيراً في الدولة ويعرض للأسبوع الثالث، والذي يظهر شيوخاً عرباً يشترون بطاقات لمغادرة الكوكب بقيمة مليار يورو للبطاقة ويعلق بطل الفيلم «هل هؤلاء هم ذوو الجينات الذكية الذين سيحتاج إليهم العالم الجديد؟»، المؤلم أنه كانت برفقتهم امرأة منتقبة، ربما لو كانت منتقبة على الطريقة الهوليوودية، أي منتقبة وترتدي زي الرقص الشرقي، لكان الرقيب قد قص الفقرة وأراح كرامتنا التي نتناولها مع حبات الـ«بوب كورن». في كل يوم لدينا مهرجان سينمائي وفي أكثر من مدينة، يدعى إليه فطاحل السينما العربية والعالمية، حتى إننا جميعاً مدعوون لمهرجان «اعسمة» السينمائي الصيف المقبل! ألم نستطع أن نقول لضيوف مهرجاناتنا إن هذا «عيب» وإننا نريد منهم مساعدتنا على نقل صورة صحيحة عن العرب والخليجيين؟ ألا يمكن للمسؤولين الضغط على هوليوود بمنع عرض الأفلام المسيئة لنا، وليقم شبابنا بتنزيلها من الـ«تورونت» أو شرائها من باعة الأقراص الصينيين انتقاماً منها، لأنها لم تحترمنا؟

* * *

إذا كنا نعذرهم سابقاً ونتذرع بحسن النيات، فأعتقد أن حملتهم الإعلامية الاقتصادية قد أوضحت لنا أن «ما تخفي صدورهم أكبر»، والله يمسّيه بالخير وديع «التلميز» كان دائماً يقول:

يا أخي «أفلام عربي.. أم الأجنبي».

 

shwaikh@eim.ae

تويتر