كن مع بعثة الحج.. لو سمحت

مصطفى عبدالعال

هطل المطر مدراراً بأرض منى على الحجاج في اليوم السابق على وقفة عرفات، وغطى الماء أرض المخيمات، ما اضطر مؤسسات الطوافة إلى فصل الكهرباء، وبدا من الناس من يقول: نتحمل المشقة مهما بلغت في سبيل الله، ومنهم من رأى المطر غسلاً ربانياً يساعد على تنظيف الجو والبيئة مما نخشاه من (فيروسات)، وجزى الله وعاظ البعثة المعتمدين خير الجزاء على قيامهم بالدور الذي أهلتهم الدولة له وأعدتهم للقيام به في مثل هذه المواقف، واختارتهم من أجل تحقيقه، وألزمت كل حملة بواعظ معتمد هو وحده المسؤول عن توجيه الحجاج والأخذ بأيديهم حتى يصل بهم تحت إشراف البعثة، وبالتواصل معها إلى أداء النسك على أعلى ما يمكن تحقيقه من الأداء، تبوّأ وعاظ البعثة مكانتهم فشرحوا للحجاج قول النبي صلى الله عليه وسلم: من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين، وبينوا أن الوقوف بمنى ثامن ذي الحجة من سنن الحج، والسُنة يثاب فاعلها ولا يعاقب تاركها، ولو تأكد الحاج من أن فعل سنة من سنن الحج سيُضيع ركناً أو واجباً من واجبات الحج فإنه آثم بفعل السنة، وشرحوا للناس المقاصد الشرعية وكيف أن الشريعة قائمة على رفع الحرج والمشقة، وأن الله لا يكلف نفساً إلا بما تقدر عليه، بل إن الحج كله يسقط عمن عجز عن أدائه أو عن إتمامه، ولو رجع الحاج إلى مكة ليبكر في عرفات لكان أيسر وأفقه. هذا والناس في حيرة من أمرهم بين عواصف الأشواق وعواصف الأمطار.

وإذا بالبعثة الرسمية تأخذ قرارها، وتأمر جميع مديري الحملات هاتفياً بإعادة الحجاج من منى إلى مكة حفاظاً على سلامتهم وضبطاً لتجهيز توجههم صباح اليوم التالي إلى ركن الحج الأعظم بوقفة عرفات، وجاء القرار معبراً عن عظمة دولتنا الحبيبة في رعاية مواطنيها وقاطنيها في كل أحوالهم، وتم ترحيل الحجاج من منى إلى مكة محافظين على إحرامهم،مقتنعين بصحة وسلامة اتباعهم لأولي الأمر الأمناء وأهل الذكر الفقهاء، واكتظ بهم الحرم في صلاة المغرب والعشاء والفجر ثم شهدوا مع شروق يوم الوقفة تغيير كسوة الكعبة، ثم اتجهوا ضحىً إلى عرفات، ومن عرفات سجل الحجاج بدعواتهم امتنانهم لبعثة متابعتها على مدى الـ24 ساعة إدارياً للحملات، ودعم وعاظها بـ25 مفتياً تحت النداء عبر أرقام وزّعت على الوعاظ وعُلقت بفنادق الحجاج، بل وبعددٍ من الواعظات للتواصل مع النساء في ما قد يحرجن من استفتاء الرجال فيه.

نعم كلكم راعٍ ومسؤول عن رعيته، لكن تفاعل الراعي يطلق الألسنة بلا تكلف بدعوات الرعية، وهكذا يقترن العلم بالتدين بالأخلاق ليكون المواطن الصالح في كل مكان هو المسلم الذي ينفع الناسَ ويسلمُ الناسُ بلسانه ويده، وليس من رأى كمن سمع.

المستشار التربوي لبرنامج «وطني»

mustafa@watani.ae

تويتر