تكريم رموز الإمارات الشعرية

ميره القاسم

منذ فترة طويلة من الزمن، لم نكلّ عن الدعوة إلى الاحتفاء بالرموز الشعرية العامّيّة الإماراتية في حيواتها وليس بعد مماتها، وكنّا نعلم جيداً أن أثر ذلك سيكون كبيراً على المكرمين والمحتفى بهم، خصوصاً أنهم سيشعرون أنهم جزء من المنظومة الثقافية في الساحة المحليّة.

كنّا نوقع اللوم على المؤسسات المعنيّة بالشؤون الثقافية، على اعتبار أن الشعر العامي ورموزه جزء من الكلّ الثقافي العام، وأنه لا ينبغي النظر إليهم على أنهم خارج هذه المنظومة الكبيرة، خصوصاً أننا نجد مساهماتهم معترفاً بها على مستويات البحث العلمي والدراسات والأبحاث المتصلة بالجهود المؤسسية والفردية على حد سواء، بغضّ النظر عن كونها بسيطة المستوى أو عميقته، كثيرة الكم أو قليلته، أكاديمية النهج أو ذاتية. ليس من السهل أن يتم التعامل بصورة إعلامية مع الرموز الشعرية الإماراتية، بكل العطاءات التي تقدمها، والمشاركات التي تنبع من خصوصية تثاقفية مع الأجيال اللاحقة بها، ثم يتم تغافلها، وعدم إبرازها في صورة تكريمية، خصوصاً لدى الأجيال الشعرية الجديدة، التي تزيد علاقتها مع اللاحقين على جيل الرموز الريادية. فالإيعاز بعمل حفل احتفائيّ وتكريمي لا ينبع من فراغ، خصوصاً في التعامل مع الأحياء، لأنه درجت العادة على أن التكريم من لدن المؤسسات الثقافية يأتي بعد انتقال الشاعر إلى الرفيق الأعلى، وللأسف أنه يأتي ناقصاً، بسبب عدم اكتمال الرؤية الاحتفائية بما يتناسب وطرائق الاحتفاء المعاصرة، فالهدف ليس التكريم في حد ذاته، بل يصب في أطر أخرى، ومنها تقديم دراسات مختلفة حول الشخصيات المحتفى بها وإعادة طباعة النصوص الشعرية بحلية تتناسب مع الأشكال الإخراجية التي يميل إليها القارئ في القرن الحادي والعشرين، وإعادة الاعتبار إلى جزئية مهمة من منظومة الشعر العامّيّ وهي الشعر والشاعر، ولفت النظر إلى الدور الذي أدّاه في صميم التحوّل الثقافي في المكان، وفتح أبواب النقاش على مصاريعها بين الأجيال الشعرية المختلفة، وكذا نحت السيرة الذاتية الشعرية للشاعر وبلورتها ونشرها ليتعرّف القراء على اختلافهم إلى الظروف التي رافقت الساحة آنذاك من تحوّلات وثوابت وأحداث وغيرها. كل هذه الأمور وغيرها مهم لفهم مسالك الحركة الشعرية في ظروفها التاريخية المختلفة، من خلال الإطلالات المعمّقة على تجارب هؤلاء الشعراء، والتدرّج في إقامة علاقة شفافة، سواء كانت نقدية أو بحثية أو تاريخية أو فنية، لفك رموز شخصيات أخرى مازالت الأسئلة مطروحة حولها ولا مجيب، مع أننا ندرك يقيناً أن الإجابات موجودة في سير الشعراء الرموز، الذين مازالوا بيننا، ولا نعلم كيف نقيم جسر شفافية يقرّبنا إليهم.

بقي أن أشير إلى أن اللفتة الكريمة التي جاءت على هيئة مبادرة تكريمية منذ سنوات، ظلّل تفاصيلها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، وسمو الشيخ سلطان بن زايد آل نهيان، لهي دليل على بعد نظر عميق الغور في مقاربة رسالة الشاعر العامّيّ الإماراتي، وإبرازها بالصورة التي تليق بها. ويقيناً أن الرؤية ارتبطت بكون سموّهما يحملان بين جوانحهما سماوات الشعر، وغيوم القصيد، وشفافية التعاطي مع الآخر.

تويتر