امرأة صحراوية!

إبراهيم جابر إبراهيم

المرأة التي تخبئ الصحراء ؛ مثل الهواية، أو اسم الأم، في سيرتها الشخصـية، ...

وضعت في قدميها حذاء خفيفاً ، وراحت إلى البحر في باص العاشرة ليلاً!

همست للسائق وكفّاها مرتبكتان: أرجوك لا تُسرع... أريد أن أشرب الفكرة تماماً!

... ... ...

نَهَرَ الرجلُ المرأة المجنونة إلى مقعدها، وقال: من غير الله يفهم النساء في هذي الليلة؟!

ضحكت الراكبة حتى تكشّفت ركبتاها... من تحتِ فستان، ليس أبيض تماماً!

... ...

كان فيه شيءٌ من الصُفرة؛ تجعله أقرب للون الورد الذابل، ومثله أيضاً... لم يكن منسدلاً تماماً!

تمتمتْ بأغنيةٍ لا تحفظُها جيداً: «خذني بحنوّ... أنا التي تعرف كيف تساير

أمزجة الماء!

سأنام عندك هذي الليلة... وغداً

أطلق عَلَيّ ما شئت من الأسماء!»

.... ....

ضحك رجلان، وانقبض وجهُ امرأة، وغارت صبيةٌ تجلس في آخر الباص!

... ...

كان البحر جالسا تحت إبط الفندق، مُعتدّاً مثل ما يُروى عن السلاطين، و ... مهذباً كرجل متمرّس في الاحتيال!

خلعت المرأة قميص يومها، ورمت اسمها في لزوجة الرمل، ثم استسلمت

لـ«ماكينة» الحنين... كان ذهنها للتو مرتبكاً، لكنه الآن صافٍ؛ كمزاج

امرأةٍ تجلس على طرف البحر!

...

المرأة التي جلست صافنةً في حالات الماء، كانت ترى جيداً عيني الرجل كيف

تتنزّلان على أصابع قدميها... وتُحدقان بحثاً أي المدن آلفت بين طائرتين فصار

بينهما ما بين ولدٍ وامرأةٍ... تُعلمه طِباع النساء إذ يدهمهن فيض الحنين إلى الرجال!

المرأة كانت تسأل العتمة التي راحت تنسدل كشرشفٍ غامق: ستنشـرين أخطائي غداً

في الناس... أعرف سأراها مُعلّقةً على حبال الكلام!

... ...

لكن البحر ما كان يلهى عن المرأة التي بدت الصحراء في لهجتها؛ مثل طفلٍ لم يغسل فمه من العسل!

وبقيت ترجوه أن يحمل ماءه، وأن يذهب، وأن يتركها... وأن صحارى كثيرة

يمكن تحضيرها على عجلٍ لإقامتك؛ قالت له!

... ....

راح ينادي ضحكاته التي توزعت على كراسي من شادر، وغادر في طائرةٍ مرت

خلسةً من أمام الفندق.

...

كان يتمتم بأغنية يحفظها: «ما لي كلما مَرّت علامةٌ

في السماءِ

ضحكتُ لها» ؟!

nowaar@hotmail.com

 

تويتر