موسم الكتاب

أحمد السلامي

مع افتتاح معرض الشارقة الدولي للكتاب، يكون الناشرون العرب قد مروا بخمس مدن عربية خلال فترة وجيزة لا تتعدى أربعة أسابيع.

أول المعارض أقيم في الخرطوم الشهر الماضي، وتلاه معرض في اليمن، وبعد يومين من انطلاق معرض صنعاء، افتتح معرض الجزائر الدولي للكتاب، ليتزامن المعرضان في الوقت ذاته، ثم انطلق الناشرون إلى الكويت التي اختتمت معرضها الأسبوع الماضي.

والآن يحط الكتاب رحاله في الشارقة، الإمارة التي تسهم منذ سنوات في انتاج الثقافة والمعرفة، لذلك يكتسب تنظيمها لمعرض من هذا النوع أهمية خاصة.

نحن إذن نشهد موسماً عربياً لتسويق وتبادل المعرفة، لكنها مناسبة لا تخلو من بعض الإشكالات، وأهمها ما يثار بشأن الرقابة على الكتب، وهذه من القضايا العالقة التي يتطلب الخوض في مناقشتها الإسهاب في تتبع جذورها وعلاقتها بالواقعين الاجتماعي والسياسي الراهنين.

أما الإشكالية الثانية فهي التضارب في مواعيد المعارض، وما ينتج عن تزامنها من غياب بعض دور النشر التي لا تستطيع المشاركة في معرضين متزامنين، وحسب علمي فإن اتحاد الناشرين العرب كان قد عمل على حل هذه الإشكالية عبر البرمجة المسبقة لمواعيد المعارض في كل بلد، فما الذي حدث هذا العام؟

من المفترض أن تمثل هذه المناسبة السنوية فرصة لانتقال الكتاب العربي من بلد لآخر، لتغطية العجز الواضح في عملية التوزيع، فما ينتج في بيروت قد لا يجد فرصة للوصول إلى القارئ في المغرب، والحال كذلك مع الكتاب الجديد الذي يصدر في المغرب ولا تطاله يد القارئ في دول المشرق إلا في مثل هذا المواسم.

وإلى جانب إشكالية التزامن، تكتفي بعض دور النشر بحصر مشاركتها في إقليم جغرافي ضيق، ففي هذا العام كنت ضيفاً على معرض الجزائر وشاهدت عدداً من دور النشر المغاربية تتكدس في أجنحة المعرض، وفي المقابل غابت عن الحدث دور نشر بارزة من بلاد الشام ومصر.

وباستقراء تجارب معارض الكتاب العربية، يمكن القول إن المشترك الذي بات يوحدها هو ازدهار حجم مبيعات الكتب الفقهية وما يتفرع عنها من عناوين التراث على حساب المعارف والعلوم والآداب المعاصرة، وهذه ظاهرة لافتة يتزايد تعاطي الناشرين معها بدوافع تجارية، لدرجة أن بعضهم غير مجال اهتمامه إلى الكتب الدينية طمعاً في الكسب.

المشترك الآخر هو تغلب العملية التجارية وزحام التسوق على البرامج الثقافية المصاحبة للمعارض، إذ يغيب عنها الجمهور وتتحول إلى مظهر شكلي خافت، وكأنه يقام في سوق شعبية غير معنية بالثقافة.

ولعل ما يبهج القلب ويبعث الإعجاب لدى من يتجول في معارض الكتاب هذا العام، هو توالي ذلك الزخم من الإصدارات التي تنتج وتطبع بتمويل من «مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم» ضمن مشروعين كبيرين هما مشروع «ترجم» ومشروع «أكتب»، إذ بدأ القارئ يحصد ثمار هذه المبادرة التي تحفز المؤلفين والمترجمين وتسهم بصورة غير مباشرة في دعم دور النشر وحركة الطباعة على نطاق واسع، وكل عام والكتاب بخير.

 

slamy77@gmail.com

تويتر