اعترافات رجل شرقي جداً!

إبراهيم جابر إبراهيم

لا يدهشك كيس الأخطاء الضخم الذي أحمله على ظهري؛ هذه عدّة الزهو عند الرجل المختال، معدّات الفحولة، ريش الطاووس الذي أفرده في حاشية اسمي!

أنا رجل شرقيٌ، كما تعرفين؛ وعليكِ، إذاً، أن تتصرفي على هذا الأساس!

أحتاج أخطائي الكثيرة لأبرهن على «كفاءتي» في الغرام، وتحتاجين أنت خطأ واحداً صغيراً لتخرجي من جنّتي!

أشفق عليكِ أحياناً من المعادلة الجائرة، لكنني لا أملك من الصلاحيات ما يخوّلني أن أعيد ترتيب الطبيعة؛ وأن أعبث بكيمياء الأجداد... يحتاجُ الأمرَ بعضَ التذمرِ منكِ!

يحتاج أن تراوغي قليلاً في «فقه الخطأ»، أن تتنازلي قليلاً عن «متعة الصواب» التي ترتعين فيها، أن تتجاهلي ليلة واحدةً الإشارات التحذيرية التي تعشعش في رأسك الصغير، والجميل، والماكر!

لنشعر بالندّية.. ولو لليلة واحدة؛ وأن نتبادل مقعدينا: جرّبي هذا الذي تصطكّ ساقاه الخشبيتان من فرطِ الركاكة، وثقل الخطايا، وأعيريني (قلتُ لكِ لليلةٍ واحدة) مقعد الطمأنينة الوثير الذي تغفين فوقه كقطّةٍ مسالمةٍ لم تخمش بأظافرها أي قطّ!

...

أشفقُ علي أحياناً من المعادلة الجائرة: من قررّ لي أن أحمل على ظهري الخفيف كل هذه الأوسمة الزائفة، وأعطاكِ كل رفاهية الضحية؟!

عبءٌ كبيرٌ هذه الرجولة؛ لو تعلمين!

كيس الأخطاء الفاحشة هذا؛ الذي نعلقه مثل النيشان في ساعات الزهو والتباهي؛ يصير حِملاَ ثقيلاً قبل النوم؛ ونضيق به: هل نخبئه تحت الوسادة، أم في حقيبة السيارة، أو حتى في خزانة الأحذية!

تعاوني معي قليلاً إذاً! ولكن بشكل موارب.

فأنت تعرفين؛ أنا رجلٌ شرقي ولا يليق بي أن أشعر أننا نِدّان تماماً، أو أنك تشفقين عليّ، أو أنك تتعاطفين مع أخطائي؛ افعلي ذلك دون أن أنتبه!

...

أخطئي قليلاً؛ أخطئي ولو مرة واحدة فقط!

تأخري مرة عن موعد سقاية الشجر، اقطعي الإشارة الضوئية قبل أن تخضرّ تماماً، ضاعفي كمية السكّر في القهوة، اخرجي بالقميص الخفيف تحت المطر، امتدحي أغنية تافهة، ابتسمي لرجل مَرّ من خلف ظهري!

أخطئي مرةً، مرةً واحدةً؛ بما يكفي لأن أتأكد أنك امرأة من لحمٍ و... طيش!

امنحيني الفرصة لكي أكون مرة واحدة بطلاً على حسابك!

لن يضيرك بعض النزق ولن يودي بك القليل من الرعونة؛ لكنه يفيدني جداً، يلزمني لكي أشعر بالتكافؤ، ولكي أشعر بإنسانيتي قليلاً!

جربي الليلة أن تنسي واحدة من صلواتك؛ وسأراقبك بخبث وأنت ساهية، لن أُذكّرك، أريدك أن تشعري مرة.. ولو مرة.. مثلي.. بتأنيب الضمير!

لنتبادل الأدوار ساعةً واحدةً فقط: احملي قليلاً من الإثم، شيئا بسيطاً ممّا خف حمله، وليس من خطاياي الكبيرة!

وأعطني بعض التوازن؛ هذا الذي تمتلئين به!

ألا تشعرين بالغيرة من أرقي؟ من صداعي؟ من تلعثم خطاي؟ جربي أن تمزعي قماشة الهدوء التي تتغطين بها.. قولي مرة : أحتاج أن أخطئ لكي يغفر الله لي!

أعطني الفرصة مرةً، مرة فقط، لكي ألعب دور الواعظ!

سأمارس الدور ببراعة الثعلب، سأنتشلك من المأزق التافه الذي وضعتِ نفسكِ فيه (!)، سأكون حكيماً للغاية!

سأتسامح مع نظرات التوسل في عينيك، سآخذ رجاءاتك على محمل الجد، ولن أكون شامتاً بالمرّة، فقط ما عليك سوى أن تخطئي!

للخطأ مذاقٌ لذيذٌ تحت اللسان، مثل حُبيبات (السُمّاق)، ويترك رعشةً شهيةً على باطن القدمين.. حين نُقدم رِجلاً ونؤخر أخرى!

.... ......

جَرّبي؛ اشلحي حذاءك واركضي لتقطفي ولو خطأً بسيطاً عن شجرة التفاح!


nowaar@hotmail.com

تويتر