كن مهماً.. لو سمحت!

مصطفى عبدالعال

تأخير المعاملات لم يعد مألوفاً ولا مقبولاً في إماراتنا الحبيبة، لا سيما وقد تدرب الكل على التعامل الإلكتروني، حتى إن تأشيرة دخول وافد من دولة أخرى تحصل عليها في أقل من 10 دقائق وتستخرج ملكية السيارة في ربع الساعة أو أقل، وتُستخرج الموافقة الأمنية أو تاريخ فرد أو مؤسسة، بضغطة إصبع، وتحول من رصيدك البنكي لسداد كل تعاملاتك ولو بالملايين برسالة هاتفية و.. و.. فما بقيت إلا همة القائمين على أي عمل لمواكبة هذا التطور الذي تحسدنا عليه الدنيا.

والموظف الذي بيده أن ينهي المعاملة لحظة وصولها إليه لا يرجئها يوماً بل ولا ساعة ما لم يكن مضطراً لإنجاز معاملات سابقة تأخر في إنجازها لانشغاله عن عمله،ربما بمكالماته الشخصية أواستغلال وقت الدوام لقضاء معاملاته ولقاءاته الخاصة أو ما إلى ذلك، باستثناء ما تقتضيه طبيعة المعاملة.

ولكنك ربما تقدمت لإنهاء معاملة فيلقاك رئيس العمل باشاً ويرحب بك صادقاً، ويسارع بالتوقيع وتحويل الطلب على نائبه المختص، وبالمثل يأتيك موقف النائب أدباً واحتراماً وسرعة إنجاز حتى إنه بعد توقيعه بتأشيرة التنفيذ يقوم بنفسه ويسلم الورق للموظف التنفيذي لإنهائه، لكن صاحبنا التنفيذي هذا ربما يفسد الطبخة كلها ويشوه نجاح مؤسسته، فلا يلقاك باسماً ولا يهش ولا يبش كرؤسائه وإنما يمارس أساليب مماطلة ربما يريد أن يثبت بها أهميته أو ربما ضعفاً منه في أداء عمله، وفي ردهات الدائرة أو المؤسسة وكل مكاتبها تقرأ معلقات تتكلم عن التيسير والبشاشة مع العملاء! وهذا حقاً يحدث، لكن فقط من الكبار، وليس الكبير هو صاحب المنصب الأعلى وإنما الكبير هو الواثق في نفسه، المتلذذ بخدمة الناس، الناجح في تيسير الصعب من دون حديث عن نفسه، أما «صاحبنا المهم» فهو الوحيد الذي لا يعلم حجم نظرة الشفقة عليه، ولا يعلم قيمة «دعاء له» يخرج من قلب عميل يسر الله أمره على يديه فتفتح له أبواب السماء، وبالتالي لا يعلم فداحة خسارته من «دعاء عليه» خرج من قلب عميل أضره وقهره وكلفه، وتفتح للدعاء عليه أبواب السماء، أسرع.

قبل أن يكون حسن الخلق الإداري من أهم عوامل النهوض بالدولة وبالأمة فإنه سمة ديننا الذي ندين به كمسلمين، فقد قال نبينا صلى الله عليه وسلم (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق) وما أخطر دعائه صلى الله عليه وسلم (اللهم من وَلِيَ من أمر أمتى شيئاً فشق عليهم فاشقق عليه)، لذا تجد (صاحبنا المهم) دائماً يشتكي ودائماً يجادل وتراه في كل أحواله محل شفقة وانتقاد، أو باختصار، وقد حاد عن التخلق بمنهج الله، يكون ضِمْنَ من حذرهم الله بقوله {وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِن لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً} (طه: 124 ) والعاقل من كان كما وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم المؤمن: يَألَفُ ويُؤلَف ،يُيسر ولا يُعسر، مفتاحاً للخير مغلاقاً للشر، يحب لأخيه ما يحب لنفسه ،يبادر بالمعروف، رحمةً على الناس أينما حل.

وأعَز ما يَبقَى ودادٌ دائمٌ

إن المناصبَ لا تدوم طويلا

المستشار التربوي لبرنامج «وطني»

 

mustafa@watani.ae

تويتر