زوّجني أختك هكذا.. لو سمحت

مصطفى عبدالعال

ما إن وصل الأصدقاء الثلاثة إلى الشقة الفندقية حتى بادرهم حارس البناية بعرض خدماته كافة، بما فيها زوجة لكل واحد منهم قائلا: حد الله بيننا وبين الحرام، فلا أقبل لكم أبدا إلا الحلال، على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، والمحامي عنده العقود جاهزة، قال أبومحمد وقد رافق صاحبيه في السفر للمرة الأولى لما رأى اعتيادهما على المكان بخدماته: وكيف نرجع بهن إلى بلدنا؟ فنظر أحد الصاحبين إلى صاحبه بضحكة صفراء ثم رد بقوله: إننا ما نعود ولا مرة بواحدة من هذه الزوجات وإنما نطلقهن يوم سفرنا. قال أبومحمد: ففيم الزواج والطلاق إذن؟ فرد عليه: حتى يكون حلالا! قال: أي حلال وفي أي شريعة؟ أما علمتما أن للزواج شروطا لا يصح إلا بها، منها نية دوام المعاشرة أي التأبيد وإلا أصبح عقد إيجار لا عقد زواج، والله سبحانه كرم الزوجة عن أن تُستأجر كبغِيّ وعن أن تكون مرحاضاً عاماً، فرد عليه: أليس الزواج إيجابا وقبولا؟ ونحن نعرض وهن يقبلن! قال: حين جعل القانون من ممارسة الزنا مقابل الأجر جريمة هل يتم ذلك إلا باتفاق ورضا؟ فلماذا جرمه القانون الوضعي؟ أليس القاتل والسارق والزاني والمرتشي وكل مجرم ما فعل إلا عن رضا؟ بل هم يخططون ويرتبون لنيل مرادهم فهل يعتد بهذا الرضا؟ إن الرضا المقصود في الزواج أسمى من ذلك بكثير، إنه إكرام المرأة فلا تضطر تحت ضغط للقبول وإلا كان الزواج باطلا، وهل تقبل هذه المرأة ما تسمونه زواجا محدد المدة إلا كما تتفق البغي على قضاء وقت في الحرام بمبلغ معين؟ ليتكما سميتما هذه العلاقة باسمها الحقيقي، فلعل الله أن يتوب عليكما إن أقررتما بالمعصية ونويتما التوبة، أما أن تسميا الزنا زواجا وتحللا ما حرم الله فمن تستغفلان وبأي شيء تلعبان؟ أهذا هو الزواج المقصود بقوله سبحانه {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم منْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم موَدةً وَرَحْمَةً} (الروم : 21 ) أم أنهن يؤجرن أجسادهن لأيّ ولكل مستأجر؟

ثم قال: رحم الله امرأة ألجأتها الحاجة إلى سؤال ابن عمها، فساومها على عرضها فارتعدت قائلة له:

ألا أيـها النـاسي ليـوم رحيـله أراك عـن المـوت المفـرق لاهيـا
ولم تعتبر بالراحلين إلى البِلَى وتركهم الدنـيا جمـيعا كما هيا
ولم يخرجوا إلا بقطن وخرقة وما عمروا من منزل ظل خاويا
وأنت غـدا أو بعـده بجـوارهم وحـيداً فـريداً في المقابـر ثاويا

وأدركته عناية السماء فغسلته دموع التوبة، فأكرمها وصرفها فتاب الله عليه.

تغيرت نبرة الكلام وقال أحدهما: افتح (النت) وضع جملة تأبيد الزواج وسترى خلافا حولها ومن العلماء من أجاز فلِمَ تشدد علينا والأمر فيه متسع؟ فقال: أعجبكما كلام من أباح؟ قالا معاً: نعم. قال: وتريدان مني أن أكون معكما؟ قالا: يا ليت! قال: فمن منكما يزوجني أخته هكذا لتكون معي في سفرتي المقبلة ثم أردها إليه؟

المستشار التربوي لبرنامج "وطني"

 

mustafa@watani.ae

 

تويتر
آخر تحديث للصفحة تم بتاريخ: 10 مايو 2016 09:58