زوّجني ابنتك عرفياً.. لو سمحت

مصطفى عبدالعال

أعجبه قوامها ورقتها، فبدأ في التودد إليها، واستغل زمالة العمل وراح يفتعل الموضوعات لمحادثتها، ثم راح يلمح لها عن إعجابه وهي - وقد استراحت لذلك - لم تغلق عليه الباب، فتوغل بخبرته رويداً رويداً حتى طبق نظرية ( نظرة فابتسام فسلام فكلام فموعد فغرام )، ولم تعد تكفي لقاءات العمل فرتبا معاً خروجاً مصطنعاً باسم فعاليات العمل، إلى أن وصل إلى محطة التنفيذ فعرض عليها الزواج العرفي.. وهنا بدأت بوادر إفاقتها فقالت: ولم العرفي؟ قال: حتى تتحسن الظروف، قالت: ولم لا تُحسن أنت الظروف؟ قال: ليس بيدي، فقالت: أم هو الخوف من أم العيال؟ قال: كلا ليس لها عندي شيء، إنه الشرع أجاز لي الحق، قالت: فهلا أخبرت العيال وأمهم بأن هذا حق شرعي؟ قال: لا داعي لـ«صدعة الراس» حتى ننعم بحياتنا، فقالت: وهل سننعم ونحن نتخفى عن العيون كما يفعل المتواعدون في الحرام؟ وهل سنستأجر مكاناً لنقضي فيه وقتنا خلسة، ثم يرجع كل منا إلى بيته بعد إخفاء معالم الجريمة؟ قال: سأُشهد سائقي وصديقي على زواجنا، قالت: وهل ستطلب منهم المحافظة على السر؟ قال: نعم ، قالت: وهل من الشرع أن يكون الإشهار في السر وهو شرط لصحة الزواج؟ فسكت صاحبنا. فقالت: سألتُ أهل الفتيا فقالوا: من مصادر التشريع السماوي مصدر يسمى (المصالح المرسلة) فوض الشرع به ولي الأمر لاستصدار تشريع يحمي حقوق الرعية، وعلى الرعية الالتزام به لأنه تفويض الشرع، فإن قال الحاكم لابد من تسجيل الزواج بالمحكمة ضماناً للنيات والحقوق، فالرافض أحد اثنين: إما أنه لا يقوى على مواجهة مجتمعه خصوصاً أهله وأولاده، وإما أنه يطمع في أن يبتزها ويعينها على أخذ مال حرام سينقطع عنها لو تزوجت رسمياً (كمعاش أو هبات حكومية تعطى فقط للمطلقات أو الأرامل) فما رأيك؟ وهل أنت أحد هذين الرجلين؟ احمر وجه صاحبنا وهو يقول: أنا أحبك ولا أصبر حتى أرتب الأمر، فقالت لو كنت صادقاً لرتبت أمورك قبل مفاتحتي! وتركته وانصرفت، وعاد صاحبنا إلى البيت مخذولاً، فوجد «حرمته» ثائرة تضرب ابنته صاحبة الـ18 عاماً، فأخرج خذلانه في «حرمته» ومد يده عليها، ففاجأته بقولها: ابنتك على صلة بشاب متسكع، ورأيتها بنفسي تنزل من سيارته، ففغر الرجل فاه ونظر بكل الغضب لابنته، فلما رأت الشرر في عينيه أمسكت حقيبتها واتجهت للباب فلحق بها وأمسكها فسقطت الحقيبة على الأرض وتناثر منها مالا تحمله إلا المتزوجات، فلملمت الأم ما على الأرض وتفحصته بينما الأب يضرب ابنته، وإذا بالأم وقد قرأت ورقة بالحقيبة تسقط مغشياً عليها، فيلتفت الأب إليها، ثم يتركها وينظر إلى الورقة فإذا بها عقد زواج عرفي..

عِفّوا تعِفّ نساؤكم في المحرم

وتجنـبوا مالا يليـق بمسلـم

من يَزنِ يُزنَ به ولـو بجداره

إن كنت يا هذا لبيباً فافهـم

إن الزنا دينٌ فإن أقرضـتَه

كان الوفا من أهل بيتك فاعلم

من يزنِ في قوم بألفي درهم

في أهله يُـزنَ بربع الدرهم


المستشار التربوي لبرنامج «وطني»

mustafa@watani.ae

تويتر