العربية معيار.. من يهتم؟

عادل محمد الراشد

الجدية في تدريس اللغة العربية معيار لتصنيف مدارس دبي، والأصل أن «العربية» يجب أن تكون معياراً في كل مدارس الدولة، ولكن المبادرة جاءت من هيئة المعرفة والتنمية البشرية في دبي، وليتها تقدمت في الزمن أكثر لكي لا يصل الحال بنا إلى العمل على إنقاذ ما يمكن إنقاذه، بعد أن صالت المدارس الخاصة وجالت وانفردت بقرار تحجيم اللغة العربية ومحاصرة ثقافتها وإضعاف أدواتها بين أوساط طلابها من المواطنين والعرب، فخرّجت أفواجاً من الطلاّب يكرهون لغتهم، ويخجلون منها، ويتباهون بثلم ألسنتهم بشفرة اللغات الأجنبية القاطعة.

«السوق» مرة أخرى، فهذه العقيدة الوهمية المشوهة، التي تم النفخ فيها حتى امتلأت الكثير من الرؤوس بالهواء الفاسد، هي المسوغ الذي أفسد العلاقة بين قطاعنا التعليمي واللغة العربية، وأخرجها من أولويات مخرجاتنا التعليمية. وعندما اشتد الوهم تجاوز الاعتداء حدود المدارس الخاصة إلى الحكومية، فجعل العربية تئن من زحف اللغة الإنجليزية تحت دواعي السوق وحاجتها. ولا ندري من يصنع هذه السوق، ومن يقرر طبيعة اللغة الرسمية المعتمدة فيها حتى تصل هيمنة اللغة الأجنبية على مؤسسات قطاع الأعمال الحكومي بعد أن اجتاح القطاع الخاص.في دولة الإمارات شبان مواطنون لا يجيدون القراءة والكتابة باللغة العربية لأنهم من تخريجات التعليم «السوقي». هؤلاء لا يستطيعون حتى ملء استمارة بيانات شخصية باللغة العربية التي ينص دستور الدولة على أنها اللغة الرسمية في البلاد. وفي ظل استمرار الفكر المشوش ستتسع رقعة هذه الشريحة لتصل إلى قطاع واسع من شباب وبنات الوطن في المستقبل بلا هوية لغوية وثقافية.

سنحتاج مرة أخرى إلى التأكيد والحلف بأغلظ الأيمان أننا لسنا ضد اللغة الإنجليزية وسائر اللغات الأجنبية لأنها أداة مهمة من أدوات المعرفة، ولكن لا يمكن القبول بمسح لغتنا التي هي هويتنا من وعي أجيالنا تحت طائلة متابعة العلوم الحديثة وملاحقة أسباب السوق والخضوع لشروطها.

 

adel.m.alrashed@gmail.com

تويتر