لا للزواج في السر.. لو سمحتِ

مصطفى عبدالعال

هل للفتاة التي تعاني من تعنّت وليها، ورفضه زواجها، أن تستغفل أهلها، وتتزوج عرفياً أو في دولة أخرى؟ أليس وارداً أن تهون بعد ذلك في نظر صاحبها، وربما ألقى بها إلى الشارع ثانية، لأنها باعت أهلها فباعوها، ولن يدافعوا عنها؟ أين بُعد النظر، وما الحل عند الطيبين؟

وجه الشرع المرأة إن عضلها وليها أن تستعين بالمنصفين من الأهل وغيرهم لإقناعه، فإن أبدى لرفضه مبررات يقبلها هؤلاء، فعليها أن تستجيب وتراجع أمرها، فما خاب من استشار، أما إن رأوا منه تعنتاً، فلها أن تلجأ لقسم الإصلاح الأسري في المحكمة ،فهو البوابة الأولى في هذه القضايا، وكم سوّى رجاله ونساؤه، بخبرتهم وإخلاصهم، مثل هذه المشكلات، قبل أن تصل إلى القاضي، حيث يستدعون الولي المعترض، ويُستجلى الأمر منه وله،فربما كان الحق معه، وكم رجعت بالنية الصادقة فتيات من هذه المرحلة، مقتنعات بموقف أوليائهن، وأعرضن عن هذا الزواج، وقد نور الله بصيرتهن. وعلى الوجه الآخر، كم أذعن الولي، واستجاب بالقناعة، فاختصر المسافة، ورجع عن عناده وجمع الشمل، أو بقوة الحق والسلطان، حين يصعد الأمر من هذا القسم إلى قاضي الأحوال الشخصية ، فإن رأى خاطبها كفئاً لها، ألزم القاضي وليها بإتمام الزواج، فإن رفض، أتم القاضي الزواج بولايته، وذلك كحق القاضي في تطليق امرأة من زوجٍ يرفض طلاقها، واستحالت عشرتها معه.

فإن قيل: عيب أن توقف البنت وليها أمام المحكمة! فالجواب أن هذه ليست القاعدة، ولا نطلب من فتاة أن تفعل ذلك، إنما الكلام لمن وصلت بها الحال إلى الضياع النفسي، وقبول الزواج العرفي، ولماذا يوصل الأهل بناتهم إلى هذا الجحود بأيديهم؟ وهل عند مفترق الطرق لنا إلا الشرع؟ لا سيما أن صاحبة الحق المهضوم تحظى بالاحترام والتأييد من عقلاء عائلتها وجيرانها.

لا يجيز الشرع، ولا العقل، لابنة الأصول الهروب، أو الزواج في السر، فالذهاب إلى قسم الإصلاح الأسري في المحكمة أكرم وأصون لحقوقها، تلجأ إليه في منتهى الستر، من دون محامٍ ولا «شوشرة»، وليست كلمة محكمة، كما يظن بعضهم، فضيحة، إنما إن شئت قل: مكتب للتوفيق والإصلاح والتفاهم وإجلاء الحقوق الشرعية لكل الأطراف. فليس لفتاة إذن أن تدنس شرف عائلتها، بالهروب مع رجل غير محرم لها، مهما كانت ثقتها فيه، ولن يغفر لها المجتمع أبداً هذا الخطأ، حتى وهي جدة لها أحفادٌ، ولن يسلم أولادها من المعايرة، جيلاً بعد جيل، وهي تفتح الباب بذلك إلى سوء الظن بشرفها وخلقها، وتلحق العار بكل عائلتها، خصوصاً بناتها، حين يُنتظر لهن الخُطّاب، ثم لا يعفيها الشرع أيضا من إثم العقوق،فتصرفها

هذا ولا شك يخزي والديها حتى ولو لم يكونا على قيد الحياة ،وإن التعنت في زواجها لن يكون أشد من إلزامها بالكفر وربنا قال : (وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدنْيَا مَعْرُوفاً ..) (لقمان : 15 ) فهل من المعروف أن أهرب مع رجل رغم أنف أهلي ولو كانوا لي ظالمين ؟

أبدا والله،ومع الدعاء والاستخارات يشرح الله صدرها ويختار لها الخير،ولو صدقت إما أن يتم لها هذا الزواج في النور إن كان فيه خير، أو يسلبه من قلبها ويعيها على البعد عنه بل نسيانه إن كان فيه شر .

المستشار التربوي لبرنامج »وطني«

mustafa@watani@ae

 

تويتر