أسرع في العيد.. لو سمحت!

مصطفى عبدالعال

قال الحبيب صلى الله عليه وسلم «إذا كان يوم الفطر وقفت الملائكة على أبواب الطرق فنادوا اغدوا يا معشر المسلمين إلى رب كريم يمن بالخير ثم يثيب عليه الجزيل، لقد أمرتم بقيام الليل فقمتم، وأمرتم بصيام النهار فصمتم، وأطعتم ربكم، فاقبضوا جوائزكم، فإذا صلوا نادى منادٍ ألا إن ربكم قد غفر لكم، فارجعوا راشدين إلى رحالكم فهو يوم الجائزة، ويسمى ذلك اليوم في السماء يوم الجائزة» المعجم الكبير.

فهل أنا وأنت من أهل هذه الجائزة؟ هي لا تعطى للمتقاطعين ولا المتشاحنين ولا الظالمين أزواجهم ، هي فقط للمتحابين المتراحمين. ومن لم يكن كذلك في العيد فمتى يكون؟ بعد رمضان وتجلياته وعباداته وصيامه وقيامه حان جني الثمار، فقاطع الأرحام ليس من أهلها، ولا المتكبر، ولا العابد لشهواته. هذا أبوبكر الصديق يثأر لشرف ابنته أم المؤمنين عائشة لما علم أن ابن خالته مسطح بن أثاثة ذكر كلاماً قاله منافق عن أم المؤمنين عائشة. فقط قال: فلان يقول كذا، وأقام النبي بوحي من ربه حد القذف عليه ثمانين جلدة، وأخذ جزاءه ولكن الصديق لم يكتف بذلك فقد كان ينفق عليه فأقسم أن يقطع عنه النفقة تأديباً له على فعلته التي عاقبه الله عليها، وربما رأى البعض أن هذا من حقه فليس ملزماً بالنفقة عليه ولا يُلام من أحد، ولكن الله يريد لأهل الفضل سمواً عن الانتقام للنفس وعلواً عن المعاملة بالمثل، فأنزل قرآنا عاتبه فيه بقوله {ولا يَأْتَلِ أُوْلُوا الْفَضْلِ مِنكُمْ وَالسعَةِ أَن يُؤْتُوا أُوْلِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا ألا تُحِبونَ أَن يَغْفِرَ اللهُ لَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رحِيمٌ } (النور: 22) أي لا يعزمون بالقسم، يعني اغفروا لإخوانكم يغفر الله لكم، واستروا عليهم يستر عليكم. فارتجف الصديق وقال: بلى يارب أحب أن تغفر لي، وأعاد الإنفاق بل وضاعفه. فما رأيك يا الحبيب وموسم الصلح والود وصلة القربى يظلنا أيام عيد الفطر المبارك؟ واستمع بروحك وقلبك، عن أنس قال: بينما النبي صلى الله عليه وسلم جالس إذ رأيناه ضحك حتى بدت ثناياه، فقال عمر ما أضحكك يا رسول الله بأبي أنت وأمي؟ قال: رجلان من أمتي جثيا بين يدي رب العزة عز وجل فقال أحدهما يارب خذ لي مظلمتي من أخي قال الله عز وجل: أعط أخاك مظلمته فيقول يارب لم يبق من حسناتي شيء قال يارب فليحمل عني من أوزاري ففاضت عين النبي صلى الله عليه وسلم بالبكاء، ثم قال «إن ذلك ليوم عظيم يوم يحتاج الناس فيه إلى أن يحمل عنهم من أوزارهم»، قال: فيقول الله عز وجل للمطالب ارفع رأسك فانظر إلى الجنان، فرفع رأسه فقال يا رب أرى مدائن من فضة وقصوراً من ذهب مكللة باللؤلؤ، لأي نبي هذا، لأي صديق هذا، لأي شهيد هذا؟ قال الله هذا لمن أعطاني الثمن قال يارب فمن يملك ذلك قال أنت تملكه، قال بماذا يارب، قال بعفوك عن أخيك، قال يارب قد عفوت عنه قال الله عز وجل خذ بيد أخيك فادخل الجنة، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك «فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم فإن الله عز وجل يصلح بين المؤمنين يوم القيامة»، رواه الحاكم. فتعالوا نرَ الله بتصرفاتنا إننا أهل لكرمه ونقول له:

وفي العيد عادات الكرام لقد جرت

ببر اليتامى وافتقاد الأرامل

وها أنا محتـاج فلا تك قاطعاً

حـبال رجائي يا خـير واصل

فإنك أولى بالمكـــارم منهـم

وأجدر بالإحسان من كل باذل.

عيدكم مبارك.

تويتر