الأمير الصغير في السينما

قيس الزبيدي

أعتقد أن كل سينمائي وكل محب للسينما قرأ رواية سانت أوكسوبري المدهشة تمنى مشاهدتها في السينما فيلماً روائياً، ليس فيلم صور متحركة.

لقد جرت محاولات عديدة لتقديم الرواية التي اختيرت واحدة من أعظم 100 عمل أدبي ظهر في القرن العشرين، منها محاولة الياباني إيزاو تاكاهاتا في العام 1968 الذي أخرجها على شكل سلسلة أفلام تحريك للأطفال، ومنها محاولة الفنان الألماني الكبير كونراد وولف مخرج فيلم «غويا» الذي أخرجها للتلفزيون في منتصف الستينات، ولم تكن بمستوى الطموح المطلوب. كذلك أخرجها للتلفزيون المخرج الألماني ثيو كيرب في العام .1989 ولعل المحاولة السينمائية الناجحة حصلت في إخراج الفيلم الخيالي/ الموسيقي، لاستانلي دونين عن الرواية لصالح مترو غولدين ماير في العام ،1974 الذي رشح حينها أربع مرات للفوز بجائزة «الكرة الذهبية»، وفاز منها بواحدة، كما رشح لجائزتي «أوسكار».

من أين تأتي صعوبة «تفليم» رواية الأمير الصغير، الذي رحل حزيناً من كوكبه الأصلي إلى كواكب بعيدة ليبحث عن نصيحة تُعينه على حماية الوردة الوحيدة التي نمت في كوكبه الصغير، والذي خابت جهوده إلى أن حط على الأرض ليكتشف، من جهة، الحب والصداقة والمسؤولية والجمال وليتعرف من جهة أخرى إلى السلطة والنفوذ والمال عبر «الجوهر الذي لا نراه بعيوننا، إذا لم نراه بقلوبنا»؟

حينما يقرأ الصبيان الرواية يحبونها وتدهشهم شخصية الأمير الصغير، أما إذا قرأها الكبار فستدهشهم حكايته الأسطورية أيضاً، المملوءة بالخيال والحكمة.

فأين يمكن أن يذهب الفيلم بالحكاية، إلى الأطفال أم إلى الكبار؟ وهل يستطيع فيلم جديد أن ينجح في إدهاش عالم الاثنين كما نجحت الرواية؟

يعرف أغلب من قرأ الأدب رواية «الأمير الصغير»، لأنها ترجمت إلى أغلبية لغات كوكبنا الأرضي، وأصبحت منذ سنوات انتشارها متعة تدهش القراء، بغض النظر عن أعمارهم. وعلى الرغم من تاريخ صدورها في العام 1943 فإنها لاتزال على قائمة أكثر الكتب مبيعاً في العالم، وقد تُرجمت إلى نحو 180 لغة ولهجة، وبيع منها أكثر من 80 مليون نسخة. أما في العربية فقد صدرت بترجمات عديدة من لغات مختلفة كالفرنسية والإنجليزية وغيرهما. لكن حصلت في الترجمة، هنا وهناك، فروق غير سعيدة، بدأت من اسم المؤلف ولم تنته عند تلك المعاني، التي تشوش سياق السرد.

يعتذر المؤلف، لأنه يهدي كتابه إلى صديقه الكبير، لكنه يصحح إهداءه ليقدمه إلى الطفل، الذي يختفي في شخصية صديقه الكبير، لأن كل الكبار، كانوا يوما أطفالاً، لكن قلة منهم تتذكر طفولتها. على هذا يتأتى علينا، حسب المؤلف، أن نصدق، بلا وجل، أن الطفل يبقى مختفياً في قلب كل إنسان منا!

حينما يتعرف الأمير إلى ثعلب، يطلب منه الثعلب أن يدجّنه أولاً، قبل أن يعقد صداقة معه.

ويبدو طلب الثعلب جواباً عن سؤال حيّر الأمير في السابق: لماذا تجهد الورود نفسها في صنع أشواك تعجز عن حمايتها؟ فمنذ ملايين السنين والورود تصنع أشواكاً لها، ومنذ ملايين السنين والخراف تأكلها رغم تلك الأشواك، التي لم تنفعها في شيء.

alzubaidio@gmail.com

تويتر