إنه محلي يا إسماعيل

سالم حميد

تحية عطرة من العاصمة الهولندية أمستردام، حيث قام الصديق الهولندي العجوز إسماعيل بتنظيم معرض تشكيلي، استعرض من خلاله روائع التصاميم الزخرفية في القرآن الكريم والخط العربي، وذلك بمناسبة شهر رمضان المبارك، ودعا إليه الكثيرين من أبناء الجالية العربية والإسلامية، وتكفلتُ من جهتي بطباعة بطاقات الدعوة للزوار. وكانت البطاقات التي وصلت بالفعل إلى جميع المدعوين تحتوي على خريطة بموقع محل الكتب الذي أملكه في أمستردام والملاصق لصالة عرض أو «غاليري» إسماعيل التشكيلي، وكان يتعين على جميع الزوار الراغبين في مشاهدة المعرض التشكيلي الدخول أولاً إلى محل كتبي ومن ثم إلى غاليري إسماعيل. وبالفعل، امتلأ المعرض بالزوار القادمين والمغادرين عبر محلي إلى غاليري إسماعيل. وفجأة، استشاط إسماعيل غضباً عندما شاهد بطاقات الدعوة وتحديداً على خريطة محلي، لأنها توضح معالم محلي قبل أن يحتال عليّ إسماعيل ويسلبني بالحيلة جزءاً كبيراً من محلي الصغير جداً من الأساس، بالمقارنة مع صالة عرضه الأكبر من حجم محلي بألف مرة! ثم قام إسماعيل وبكل قلة أدب وعنجهية بمنع جميع الحضور من الدخول أو الخروج من صالة عرضه عبر منفذ محل كتبي الملاصق له، الأمر الذي أصاب الحضور بالإحباط والتعب الشديد، لأنه تعين عليهم قطع مسافة شاسعة في الصالة للوصول إلى إسماعيل شخصياً وأخذ إذن منه للخروج من الصالة عبر محل كتبي! وحسب قول إسماعيل فإن الإجراء الذي قام به يأتي نتيجة عدم احترامي لاتفاقية ترسيم محلي مع محله والمبرمة بيننا قبل 35 عاماً.

للأسف الشديد، الإنسان الجشع لا يشبع أبداً، فهو مثل النار يأكل مال غيره ويطالب «هل من مزيد؟» وهذه هي قصة معاناتي مع إسماعيل! فعندما بدأتُ الكتابة فعلياً قبل 38 عاماً، وقمتُ بتأسيس محل لبيع الكتب في أمستردام يجاور محل إسماعيل، وحصلتُ على اعتراف جميع الاتحادات الأدبية العالمية في العام نفسه من سنة التأسيس، كان إسماعيل هو الشخص الوحيد في العالم الذي رفض أن يعترف بي كاتباً أو بمحلي الصغير للكتب، لادعائه كذباً وبهتاناً كعادته امتلاك جزء من محلي! وعليه، ونظراً لعدم اكتمال نضجي الفكري، كوني كنتُ لاأزال صغيراً في تلك الفترة، قمتُ بالموافقة على توقيع اتفاقية مجحفة في حقي في يوم مشؤوم يوافق 27 أغسطس ،1974 وتنازلتُ عن جزء استراتيجي حساس من محلي، كان يربطني في السابق بمحل آخر لبيع الغاز، ولكم أن تتخيلوا المقابل الذي حصلت عليه من إسماعيل! المقابل كان عبارة عن اعتراف إسماعيل بسالم حميد كاتباً وصاحب محل لبيع الكتب!

اعترف بأنني لم أدرس الاتفاقية جيداً، واعترف بأنني دفعت الثمن غالياً جداً جداً، فاعتراف إسماعيل بي كاتباً لن يزيدني أو ينقصني شيئاً، بل إنه يزداد عنجهية يوماً بعد يوم، لأنني من سمح له بالانتصار!

ليتني لم أطلب اعترافك يا إسماعيل!

salemhumaid.blogspot.com

تويتر