«اللمبي بوند»

عبدالله الشويخ

نشر الكثير من الصحف العربية والعالمية في الأسبوع الماضي، خبر فرار سلحوف النينجا الفرنسي «ايرفيه جوبار» المتهم بالاختلاس في دبي، في عملية وصفتها تلكم الصحف التي يصنف بعضها مع الأسف صحفاً «شقيقة» وصفت عملية الفرار بأنها أشبه ما تكون بعمليات جيمس بوند وخصوصا مع تأكيد السلحوف بأنه بصدد نشر رواية حول هروبه الأسطوري وتحويلها إلى فيلم، ويبدو أن تلك الصحف، ومن يقف خلفها، نسي أن اعمال جيمس بوند أصلاً صورت بشكل كامل في الاستوديوهات، والحقيقة أن المكتب السادس وجميع الدوائر المخابراتية التابعة لمولاتي الملكة قد أصبحت أضحوكة العالم منذ فشلها في توقع غارات هتلر في مطلع القرن، مروراً بفضائح المطيع مندوب السلام سيئ الصيت طوني بلير، وانتهاء بالمعلومات المخابراتية التي تسببت في قضاء عشرات الجنود في أفغانستان على أيدي حركة «طالبان» في هذا الشهر. يكفي سلحوف النيجا الذي فر بعد أن رفعت عليه «مجموعة دبي العالمية» قضايا عدة بتهمة الاختلاس وخيانة الأمانة؛ يكفيه فخراً بأنه فر في زي امرأة منقبة، وبرر ذلك في ما بعد بأنه كان على دراية تامة بأن دبي تحترم النساء المنقبات حيث لا يتعرض لهن أحد ـ على حد تعبيره ـ فلمن تحسب هذه النقطة هل هي لنا أم له؟ خصوصاً أنه قادم من البلد الذي يزعم أنه بلد الحرية، بينما لن ينسى العالم دموع تلك الطفلة التي مُنعت من الدراسة بسبب حجابها.

ويكمل «سلحوف شجاع» رواية قصته بافتخاره بأنه هرب مستغلاً خبراته السابقة، حيث كان يعمل ضمن جهاز المخابرات الفرنسي قبل أن يقدم الى دبي وقبل احترافه صناعة الغواصات الصغيرة التي كانت مادة تعاقده مع مجموعة دبي العالمية، وربما خفي على أرسين لوبين عصره أننا في دولة تحترم وجود الإنسان بقدر احترامه لنفسه، وأنها غير معنية بماضيه الذي لن يعدو عن كونه مهرّب الماس من دولة إفريقية غائمة، أو مثير فتن في دولة شرق أوسطية نائمة، ودليل ثقة الإمارات بالمستثمرين أن فيها أسماء لامعة لسياسيين بارزين من مختلف أنحاء العالم، عندما تركوا السياسة في دولهم واحترفوا عالم الأعمال، كانوا محل ترحيب وتسهيلات، وان اختلفت وجهة النظر الرسمية مع وجهاتهم السياسية أثناء وجودهم في السلطة في حينه.

تنتهي المغامرة الخطيرة بخروجه بقارب مطاطي الى الخليج وهناك يلتقطه احد زملائه لنقله للهند مثل آلاف العمالة السائبة في التسعينات الذين كانوا أذكى منه وأشطر، فتهمتهم لا تطارد عليها الشرطة الدولية التي تنتظره الآن على أحر من الجمر، لكي يثبت أنه كان أشبه باللمبي منه بجيمس بوند.. شكلاً وتصرفاً!


ea.mie@hkiawhs.com

تويتر