المواجهة الجديدة

جورج فهيم

خلال الشهور الستة المقبلة، سيحبس العالم أنفاسه في انتظار حكم «منظمة التجارة العالمية» في الخلاف بين شركتي «بوينغ» الأميركية، و«إيرباص» الأوروبية، حول الدعم الحكومي لصناعة الطائرات التجارية، الذي أيقظته أزمة نقص السيولة، التي فجرتها الأزمة الاقتصادية العالمية.

وقد أنهى الخلاف المستمر منذ خمس سنوات بين الشركتين، أو بمعنى أدق بين أميركا وأوروبا، العمل باتفاق كان الجانبان قد توصلا إليه عام 1992 ،يقضي بتحديد حجم الدعم الأوروبي لتطوير الطائرات التجارية الجديدة بنسبة 33٪ من تكلفة التطوير، بشرط أن ترد أموال الدعم المقدمة، بسعر فائدة لا يقل عن السعر الذي اقترضت به الحكومات الأوروبية ذاتها، وفي المقابل فإن شركة «بوينغ» تحصل على دعم فيدرالي بشرط ألا تتجاوز قيمته 3٪ من قيمة مبيعاتها.

وبحسب تقديرات «بوينغ» فإن «إيرباص» حصلت على دعم أوروبي خلال الـ20 عاماً الماضية، يزيد على 205 مليارات دولار، في صورة نقدية أو في صورة «طرق وممرات إقلاع وهبوط».

وفي المقابل، فإن تقديرات «إيرباص» تشير إلى أن إجمالي الدعم الذي حصلت عليه «بوينغ» من وكالات أميركية عديدة مثل وكالة الفضاء الأميركية «ناسا» وبنك الصادرات والواردات الأميركي الذي يعرف باسم «بنك بوينغ» تزيد على 305 مليارات دولار.

وفي الواقع، فإن الخلاف بين أوروبا وأميركا على الدعم المقدم إلى صناعة الطائرات التجارية ليس جديداً، ولكن التوازن الحرج في السوق العالمية لصناعة الطائرات التجارية، الذي ينقسم مناصفة بين الشركتين، هو الذي يعطي بعداً سياسياً واستراتيجياً للخلاف بين الشركتين حول الدعم.

وهذا التوازن الحرج بدأ مع طرح الطائرة العملاقة «إيرباص A 380» التي لم يكن من الممكن إطلاقها من دون دعم بقيمة 3.5 مليارات دولار تدفعها فرنسا، وألمانيا، وإسبانيا، وبريطانيا، ما أدى إلى إجهاض إطلاق طائرة «بوينغ 747»، التي كانت على وشك اقتحام الأسواق في ذلك الوقت.

ورغم أن «بوينغ» تقبلت الهزيمة في معركة «إيرباص A 380» فإن نصيبها من إلغاء التعاقدات على شراء الطائرات الجديدة من جانب شركات الطيران التي تعاني من نقص السيولة، كان أكبر بكثير من نصيب «إيرباص» ما جعل الشركة تشعر بأنها تفقــد موقعها الاســـتراتيجي في السوق، وأنه يتعين عليها التحرك بســرعة لمنع «إيرباص» من تطــوير الطائرة الجـــديدة «ايرباصA 350» التي تشكل تهديداً مباشراً لطائرتي «بوينغ 777» و«بوينغ 787» اللتين تعول عليهما الشركة لاستعادة القاعدة التي فقدتها في السوق لمصلحة «إيرباص».

وأياً كانت نتيجة الحكم الذي ستصدره منظمة التجارة العالمية، فستكون له تداعيات خطيرة ليس فقط على صناعة الطائرات، أو على العلاقة بين أوروبا وأميركا، إنما على حركه التجارة العالمية ومسيرة العولمة أيضاً.

 

georgefahim_63@hotmail.com

تويتر