رحلة صيف

أحمد السلامي

فجأة ومن دون تخطيط مسبق، وجدتني احتفل مع أصوات الطبيعة بصيف لبنان، وفي ضيعة «برمانا» القريبة من بيروت والمسكونة بأحلام العصافير وغناء الجنادب الخفية.

كانت الرحلة في بدايتها مكرّسة للقاء عمل يتصل بصندوق دعم تجوال الشباب العربي، لكن بهاء الخضرة في جبال لبنان يحيل السفر المغلف بالمهمات الروتينية إلى إجازة تكسوها المباهج التي صارت نادرة.

ولا يحضر لبنان في البال إلا وتحضر معه التفاعلات السياسية في هذا البلد الذي يجيد ساسته تصدير التفاصيل الصغيرة باحتراف وتشويق، هذا الاحتراف هو ما يمنح خطابات الفرقاء نكهة درامية تجبرك على متابعة مسلسلاتها وأبطالها، ومع ذلك لا أحد في لبنان يطالب بالانفصال، فالجميع هناك يتحدثون عن أهمية بناء الدولة وترسيخ مؤسساتها.

ويبدو الشغف ببيروت كالموضة، ولا أدري لماذا تحضر في البال مدينة طنجة المغربية في موازاة بيروت.

لا يمكنني الحديث عن هذه المدينة بشغف من عاش فيها سنوات ازدهارها في السبعينات، لكن بيروت 2009 لاتزال قابلة لأن تختزل في دور النشر العريقة والأسماء التي تكتب وتنشر في الملاحق الثقافية بصحف كالسفير والنهار والأخبار.

وثمة أسماء أدبية في لبنان تبدو في نظر أبناء جيلي علامات ورموز مثلت بإبداعاتها للعديدين شفرة للنجاة من أسر الأب المحلي، مقابل البحث عن مبررات لشغب الكتابة في إنتاج الأب البعيد الذي تفصلنا عنه المسافات فتنقذنا من سطوته وجبروته، بحيث لا يمكث في الوعي به سوى الدهشة النقية والصور الشعرية الخالصة لوجه الفن.

وأخيراً ثمة سؤال يصر على مشاكسة الأب المحلي في سياق التغزل ببيروت القريبة والبعيدة في آن: ترى هل كان على شاعر يمني مثل شوقي شفيق أن يجيد الفرنسية ليقنعنا بقصيدة النثر أكثر من عباس بيضون ووديع سعادة؟ ربما!



ستغضبُ يوماً ما من الفتى الجميل

الذي ورّطك في الانشغال بالآخرين

وبعد حياة حافلة بالشتائم

سيتعطّل المنجنيق

وستلعن الحشرة التي أزعجت المدينة

وحين تُحاول سحقها بحذائك

يا للمفاجأة

الشمس من حولك

وأنت وحدك في الظل

ظل الجزمة

وهي توشك على سحق الحشرة.

 

slamy77@gmail.com

تويتر