أولاً ثم ثانياً ثم ثالثاً

ضرار بلهول

الرياضة جميلة، لأنها منهج ومنبر للأخلاق والقيم والمبادئ والمثل العليا، والرياضة جميلة، لأنها تجمع الفن والذوق لتتوجها دائماً الأخلاق، وكلنا نفرح ونشيد باللاعب الملتزم بالأخلاق الرياضية. فالتحلي بالأخلاق من أهم مقومات العمل في المجال الرياضي، لارتباطه بأهم وأكبر شريحة في مجتمعنا، ألا وهي شريحة الشباب، الذين تقع على عاتقهم مسؤولية بناء هذا الوطن الغالي. ولذلك، فمن المهم أن يكون جمال أخلاق من يعمل في المجالات الرياضية في مقدمة الصفات المطلوبة كحد أدنى لقبول هذا العنصر في الساحة الرياضية، ولكن واقعنا المرير يقول العكس، حيث توجد في ساحتنا الرياضية مجموعة من الرياضيين، الذين بدأت تندثر الأخلاق منهم وربما تنتحر!

أين هي الأخلاق عند التباهي بالحفلات الماجنة والجرائم الأخلاقية والجنائية؟! أين هي الأخلاق في تصوير هذه الممارسات عن طريق الهواتف المتحركة والتباهي بتناقلها وتحميلها على الإنترنت؟! والمولى يأمرنا بأن «إذا بليتم فاستتروا»، أين هي الأخلاق في وقوف البعض مع أمثال هؤلاء الرياضيين، الأمر الذي يشجعهم على التمادي في الخطأ؟! ولا ننسى ذلك اللقاء الحصري على شاشات التلفزيون! أين نحن من هذه التصرفات؟ وما حدث في مصلحة من؟ وأين احترام حقوق الآخرين وحق المجتمع علينا؟ وبرأيكم ما حدث بالأمس القريب في ساحتنا الرياضية هل من الممكن تناسيه والمضي قدماً والنجاح من دون الحاجة إلى التوقف قليلاً، ومراجعة الأحداث، ولماذا حدثت وهل يمكن أن تتكرر ولماذا؟

وبحكم علاقتي واتصالي بالإعلام الرياضي أرى أنه من أهم مسؤلياتنا كإعلاميين وإداريين نشر مفهوم «الأخلاق أولاً ثم ثانياً ثم ثالثاً».. فواقعنا الرياضي يقول بأن أغلبية شبابنا يتأثر بما تتناقله وسائل الإعلام، ويصدق كل ما يقال لمجرد أنه ظهر في الإعلام. كما أن العمل الإداري في الرياضة قد ينظر له البعض على أنه سهل وبسيط، وشخصياً أعترف بأني واحد من الذين كانوا يعتقدون ذلك، ولكن أدركت أخيراً عكس ذلك، وأنه يحتاج في الحقيقة إلى الكثير من الثقافة والعلم والخبرة الإدارية والعملية والميدانية والقدرة على رسم خطوط حمر واضحة تعزز مفهوم «الأخلاق أولاً ثم ثانياً ثم ثالثاً»، ولا يسمح بتجاوزها مهما كانت النتائج.

إن فكرة الفوز السريع هي الألم الذي نعيشه نحن الإداريين، فهي أفضل وسيلة لهدم الرياضة، لأنها مبنية على تحقيق الفوز بأي ثمن، وكأن هذا يعني أنه لا وجود للمبادئ والأخلاق والقيم، وأصبح كل شيء مسموحاً ولا وجود لخطوط حمر!

ما الحلول الممكنة لعودة الحياة الأخلاقية في رياضتنا المحلية؟

المطلوب حملة لتطهير الوسط الرياضي من هذه الآفة - السموحة أقصد الشريحة - التي لا تتحلى بالأخلاق الرياضية ومعاقبة من يتجاوز الخطوط الحمر، لأنه وكما تعرفون، من أمن العقوبة أساء الأدب، فالرياضة بلا أخلاق تهدم ولا تبني، ورياضة بلا أخلاق لا تستحق أن تسمى رياضة وصدق الشاعر حين قال:

إنما الأمم الأخلاق ما بقيت .. فإن همُ ذهبت أخلاقهم ذهبوا

belhoulderar@gmail.com

تويتر