«التعيورة»

عبدالله الشويخ

إذا قمنا بذكر بعض الأسماء المحلية، مثل عدنان خميس ناصر، وخالد محمد عبدالله حسن الحمادي، وسلطان محمد الشاعر، ومحمد علي راشد الفلاسي وخالد تربع سالم العبدولي، ربما سيشعر القارئ بأنها مألوفة نوعاً ما ولكن حتماً لن يتذكرها جيداً أما إذا ذكرنا الأسماء نفسها بطريقة أخرى بأن نقول: عدنان الطلياني وخالد حرية وأشحفان، رحمه الله، ومحمد العبار وشحمان رحمه الله، فسيعرفها الكل مباشرة فهذه الأسماء الجميلة هي أشهر من أن يعرف لها...

«التعيورة» أو اسم اللقب مكون من مكونات الثقافة العربية والمحلية وكثيراً ما تطغى «التعيورة» أو لقب الشهرة على اسم العائلة بل واسم القبيلة أيضاً ويصبح هو الشائع بين الناس، لذا فهل يمكن تخيل الذنب ومقدار الأسى في قلب حامل اللقب على من أطلقه في حال اشتهر به ولم يكن بينهما (اللقب وصاحبه) حب متبادل!

كثيراً ما نطلق أسماء، من باب «الميانة» والأخوة، على المعارف والزملاء ولا ندري أنها ستكون جزءاً لا يتجزأ من أسماء أبنائهم وأحفادهم ذات يوم، ثم يستغرب أحفادنا لماذا فلان (الكبت) لا يدخل الى شارع الأثاث المستعمل؟ ولماذا فلان (بوموس) يقضي نصف عمره في مراكز إعادة التأهيل؟ ولماذا فلان (التيس) خشن في تعامله ولا يرد على مسجات (يوم الجمعة)...

الحمد لله أننا لم نبلغ بعد ما وصل إليه بعض الدول العربية التي جعلت لكل أسرة أصيلة جزءاً أصيلاً من أجزاء جسد الإنسان وأصرت على أن تخلده على وزن (مفاعله)، ولا بلغنا تطرف دولة أخرى يؤمن البسطاء فيها بأن الاسم القبيح يبعد الحسد، فترى فيها الجحش والثور والدجال وملعون الوالدين... إلخ.

بسبب ضغوط الماضي والتاريخ المجيد وإحباطات الحاضر المؤلم والخوف من المستقبل المظلم، نحن أكثر شعوب درب التبانة حملاً للعقد فمن عقد العظمة والعروبة إلى عقد الفهم الخاطئ للدين والعقيدة إلى العقد الاقتصادية والطبقية والاجتماعية وهذه تكفي ولا حاجة إلى إضافة عقد أخرى فلعلنا ننظر بعين المسؤولية للأجيال المقبلة ونراعي الله وأنفسنا في تصرفات قد تطبع ذات يوم على جوازات السفر وتصبح رسمية، فبحق الله كيف سأنشئ طفلاً سوي النفسية إذا كان اسمه الأخير (البغل)... ؟!

 * * *

ورد عن خير البرية، صلى الله عليه وسلم: «ثلاث يصفين لك ود أخيك: تسلّم عليه إذا لقيته، وتوسّع له في المجلس، وتدعوه بأحب الأسماء إليه»، والعرب هم الأمة الوحيدة في العالم التي تكني أو بمعنى آخر تعطيك (أوبشن)، ففي حال وجود لقب كريه يمكنك أن تنادي بالكنية سواء كانت موجودة أو اخترعتها بما يحب صاحبك، وحفظ الله أبناء الإعلاميين والزملاء من اسم (فلان جرايد)...

shwaikh@eim.ae

تويتر