دبي تتحدث عن نفسها

جورج فهيم

صعدت دبي إلى قمة العالمية في زمن قياسي، وشهد لها بذلك الرئيس الأميركي، باراك أوباما، خلال خطابه الأخير الذي وجهه إلى العالم الإسلامي، لكن الوصول إلى القمة شيء والاحتفاظ بها شيء آخر، وهذه هي تحديداً مهمة مكتب «دبي براند»، أو مكتب الشؤون الإعلامية الاستراتيجية، الذي وجه صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، بتأسيسه لينقل الإنجازات الحضارية والاقتصادية والاجتماعية من دبي إلى العالم.

وفي الحقيقة، فإن تأسيس مكتب «دبي براند» يأتي في وقت تتعرض فيه دبي لحملة شرسة من بعض المؤسسات الإعلامية، وحفنة من المنظمات الدولية، التي دأبت ـ عن عمد أو جهل ـ على نشر حقائق مجتزأة ومغالطات فاضحة، وروايات مبالغ فيها، وتقارير كاذبة عن حقيقة الأوضاع في الإمارة.

وقد جاءت فترة كانت فيها مهمة رعاية صورة دبي عالمياً موكلة إلى الشركات الأجنبية التي كانت سعيدة بأن تفعل ذلك طالما أنه يصب في مصلحتها في النهاية، وأعقب ذلك فترة أخرى أوكلت فيها هذه المهمة إلى مكاتب علاقات عامة تتعامل مع القضية من منظور مساحيق التجميل والأصباغ والمناسبات الاجتماعية لالتقاط الصور التذكارية من دون أن تكون لديها استراتيجية واضحة ومحددة للتعامل مع التحديات التي تفرضها عملية صناعة سمعة أو اسم دبي.

وليس هناك شك في أن العلامة أو السمعة الخاصة بكل دولة أو مدينة هي شهادة على قوة اقتصادها وقدرتها على جذب الاستثمارات، وتوفير المناخ المناسب لأداء الأعمال وفقاً للمعايير العالمية، وإتاحة الفرصة أمام جميع السكان للاستمتاع بحياتهم في جو من الحرية والاستقرار، من دون أن يكون تحقيق أي من الأهداف السابقة على حساب هويتها وانتمائها؛ وبهذا المعنى، فإن صناعة علامة لدبي ليست مسؤولية مكتب «دبي براند» فقط، وإنما هي مسؤولية جميع العاملين والمقيمين في دبي، كما أنها ليست عملاً إعلامياً وحسب، وإنما تحتاج إلى تضافر مجموعة من العوامل الرئيسة، في مقدمها الجودة، والصدقية، والرؤية الطويلة المدى، والتسويق الذكي، والتصحيح الدائم للمفاهيم الخاطئة في أذهان الناس.

إن العلامة الخاصة بدولة ما أو مدينة تساوي مئات المليارات من الدولارات، ويكفي فقط أن نقول إن العلامة التجارية لإحدى الشركات العالمية تساوي 21 مليار دولار، في حين تساوي العلامة التجارية لشركة اخرى 16 مليار دولار، وهذه العلامات التي ترتبط في أذهان الناس في قارات العالم السبع بمواصفات ومستوى جودة معين لم تظهر بين عشية وضحاها، ولم تكن وليدة مصادفة أو ضربة حظ، وإنما كانت نتاج رؤية استراتيجية طويلة المدى، والعمل الجماعي المنسق وفقاً لأهداف محددة.

ولا تختلف عملية صناعة علامة لدولة أو مدينة عن عملية صناعة علامة تجارية لشركة، فالأمر يتطلب أن نحدد أولاً وبدقة تامة ما هي تصوراتنا عن أنفسنا؟ وما هي تصورات الآخرين عنا؟ ثم نقوم بعد ذلك باختيار أفضل الوسائل التي تجعل تصورات الآخرين عنا مطابقة لتصوراتنا عن أنفسنا، وهذه العملية يجب أن تكون مستمرة من دون توقف لشرح منظومة القيم والأهداف التي تسعى هذه الدولة إلى تحقيقها.

georgefahim_63@hotmail.com

تويتر